أضحى تكدس النفايات الصلبة في قطاع غزة ظاهرة خطيرة على البيئة في ظل تنامي الكميات المنتجة منها دون أن يقابلها إجراءات فنية وتحسينية على صعيد زيادة لمساحة المكبات وكفاءة معالجتها .
وتبلغ كمية النفايات الصلبة المنتجة سنويا في قطاع غزة حوالي 500,000 طن، وتزداد الكميات مع ازدياد عدد السكان ، وبحلول عام 2020 سيفوق عدد السكان 2.160 مليون، والتالي ستزداد كمية النفايات المنتجة مما يتطلب زيادة في مساحة الأراضي لدفن هذه النفايات.
ويبلغ معدل الإنتاج اليومي للفرد من النفايات الصلبة 1كجم، ويتوقع زيادة في عام 2022 ليصبح الانتاج اليومي 400 ألف طن يوميا، وتقدر الكميات المنتجة بـ 1700 طن/يومياً ، ويستقبل مكب جحر الديك يستقبل المكب يومياً 1000 طن من النفايات الصلبة من مدينة غزة وبلديات الشمال ،ومكب دير البلح يستقبل 440 طن من النفايات الصلبة من المحافظة الوسطى ومحافظة خانيونس .
كما أن مكب رفح يستقبل يوميا 130طن من النفايات، وتشكل حجم النفايات الصلبةحوالي50% ،ونفايات البناء والتجميع 25% ،والنفايات التجارية 25%.
سلطة البيئة بغزة حذرت من كوارث بيئية وصحية, جراء انتهاء العمر الزمني الافتراضي لبعض المكبات الرئيسة الثلاث في القطاع, وامتلائها بأكثر من الحد الأقصى، الأمر الذي يؤدي الى عواقب خطيرة على مكونات البيئة الأساسية ومخاطر على الصحة العامة للمواطنين، حيث تعرضهم للإصابة بأمراض الجهاز الصدري و التنفسي والسرطانات”.
النفايات العشوائية
وقال مدير دائرة النفايات الصلبة بسلطة البيئة م. محمد مصلح:" إن إدارة النفايات في القطاع تواجه مشاكل عديدة مرتبطة بالتجميع ،والنقل وأماكن التخلص، بالإضافة إلى أن بعض مواقع التخلص من النفايات تقع داخل المناطق السكانية مما تسبب إزعاجاً للسكان بسبب الروائح الكريهة الناتجة وتوثر على سلامة البيئة".
وأوضح مصلح في حديث خاص لـ " الاقتصادية أن العائق الأكبر أمام تخفيف حجم النفايات الصلبة الموجودة في القطاع هو الاحتلال الإسرائيلي الذ ي عيق عمل البلديات وإدخال المواد التشغيلية اللازمة لعملها.
وتابع:" كما أن هناك مشكلة النفايات العشوائية باتت تؤرق المواطنين ، وذلك مع ازدياد الزيادة السكانية من ناحية وزيادة معدلات الاستهلاك من ناحية أخرى، فضلاً عن تزايد أنواع النفايات، محذرا من المخاطر البيئية والصحية التي يمكن أن تسببها تلك النفايات،
وأكد مصلح "أن تلك الظاهرة خطيرة وغير صحية لأنها تؤدي أيضا تشويه المنظر العام بالإضافة إلى آثارها السلبية على الصحة ،لافتا الى أنه تم رصد أكثر من مكان خصوصا في محافظات الشمال" جباليا ، بيت لاهيا ، بيت حانون "حيث تم إزالة 14 موقع".
ودعا المهندس مصلح الى ضرورة الانتباه إلى مخاطر المكبات العشوائية ،والإسراع بتشكيل مجلس الخدمات المشترك للنفايات الصلبة في الشمال من أجل تطوير العمل .
وكشف عن مشروع موول من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي بقيمة 70 مليون دولار لتطوير إدارة النفايات الصلبة في القطاع.
ودعا مصلح المواطنين إلى تبني ثقافة اعادة تدوير النفايات, والحذر من سياسة حرق النفايات لانه ذلك سوف يعرضهم للمسائلة القانونية مشيراً إلى أن إعادة استخدام المخلفات ليس حل لمشكلة المخلفات فقط، بل إنه من الأمور التي قد تدفع العجلة الاقتصادية إلى الأمام, وتخلق فرص عمل للآلاف من العمال.
ونوه الى أن حرق النفايات داخل الحاويات يتلف الحاويات و يخربها و يتسبب في إهدار المال والملك العام. كما أنه يسبب تسرب عصارة النفايات إلى التربة ويلوثها، و من ثم إلى المياه الجوفية،ناهيك عما يسببه الدخان من أذى و إزعاج للسكان المجاورين للحاوية.
وأكد أن التخلص من النفايات بطريقة منظمة عن طريق إلقائها في الحاويات المخصصة يسهل عمل عمال النظافة ويساعد على إبقاء الحاويات نظيفة ويمنع انتشار الأوبئة. ولهذا يجب وضع أكياس النفايات داخل الحاويات وليس بمحاذاتها الأمر الذي يجذب الحيوانات التي تلجأ إلى ثقب الأكياس وبعثرة النفايات حولها.
ولفت إلى أن هناك عادة سيئة درج عليها كثير من الناس وهي إرسال الأطفال الصغار بأكياس النفايات التي لا يستطيعون حملها و وضعها داخل الحاوية فيعمد الطفل إلى إلقائها بجانب الطريق أو حول الحاوية .
معيقات عدة
بدوره مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة قال م.عبد الرحيم أبو القمبز:" إن بلديته تحارب ظاهرة مكب النفايات العشوائية وحرقها بكل الوسائل، باعتبارها سلوك خاطئ غير جيد, يعود بالضرر على المواطنين ويعمل علي احداث كوارث.
وأوضح أبو القمبز لـ”الاقتصادية” أن بلديته قضت على هذه الظاهرة وكل جهة أو شخص يقوم بفعل ذلك سيعاقب، مبينا أن بلدية غزة عملت على توفير حاويات صغيرة في اكثر من مكان من أحياء المدينة
وتابع:” ان بلدية غزة لوحدها تنتج يوميا من 650 الي 700 طن ترحل الي مكب النفايات , في منطقة جحر الديك” الواقعة في شرق منطقة البريج وسط القطاع”و التي تم تطويرها مؤخرا
كماشددأبو القمبز على أهمية توعية المواطنين, و إحداث التغيير وتسليط الضوء على القضايا البيئية , والحاجة لنشر الوعي في القضايا البيئية.
وأكد ان هناك العديد من المشاكل التى تواجه عمل البلدية منها,النقص في عدد الاليات والمعدات والحاويات, فالعدد أصبح غير كافي نتيجة الحصار، كما أن ما تبقي من شاحنات هي مهترئة وقديمة، وان صيانتها أرهق ميزانية البلدية .
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي هو العائق امام ادخال الشاحنات المتخصصة ،اضافة الى أن عدم تسديد المواطنين لفواتير يقف عائقا، “ مؤكدا ان بلدية غزة تسعي لتطوير قطاعات النفايات الصلبة من خلال التعاقد مع الدول المانحة وأن بلديته تسعي مع كل الدول المانحة لدعم ذلك.
السلوكيات الخاطئة
من جانبه قال المدير التنفيذي لمجلس ادارة النفايات الصلبة في شمال قطاع غزة م.محمد شلبي ،إن المجلس يبذل جهودا لتطوير العمل في محافظات الشمال، مشير الى أن ظاهرة النفايات العشوائية تقلصت بشكل كبير،بعد الجهود الكبيرة التي تقوم بها البلديات، مع بدء تشكيل مجلس جديد، وقد تم تنفيذ برنامج متكامل لمدة 9 شهور.
وقال شلبي إن كثير من الناس يمارسون سلوكيات خاطئة وشديدة الإضرار بالصحة العامة والبيئة عبر التصرف الخاطئ بالنفايات الصلبة من حيث لا يدري أو لا يدرك مدى ضرر هذه السلوكيات على صحة أسرته أو جيرانه.
وحث على ضرورة إكساب الأفراد نظما من القيم والممارسات الايجابية التي تعزز الحفاظ على البيئة وتجنيبها المخاطر الناتجة عن التلوث. و تشجيع سياسة الاستفادة منها و تطبيق مواد القانون المتعلقة بالنفايات وفرض عقوبات على المخالفين.