اليوم الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤م

بوادر أزمة غاز تلوح في الأفق و"محاولات متواضعة" للتخفيف من حدتها

١٦‏/١٢‏/٢٠١٥, ١٢:٠٠:٠٠ م
الاقتصادية

عادت بوادر أزمة غاز الطهي في قطاع غزة، تلوح في الأفق مجددًا، في ظل محاولات حثيثة يبذلها المسؤولون للتخفيف من حدة هذه الأزمة المتجددة مع حلول فصل الشتاء، عبر إجراءات وقرارات، اعتبرها باحثون اقتصاديون "محاولات متواضعة".

رئيس لجنة الغاز في جمعية شركات الوقود في قطاع غزة، سمير حمادة، يؤكد في تصريح خاص بـ"الاقتصادية"، أن فصل الشتاء يشهد أزمة حادة في غاز الطهي منذ سنوات عديدة، نظرًا لقلة كميات الغاز الواردة إلى غزة، عبر معبر كرم أبو سالم، جنوب شرق محافظة رفح جنوبًا.

وأوضح حمادة، أن "قطاع غزة يحتاج يوميًا كحد أدنى، 350 طنًا من الغاز الطبيعي، في حين لا تتجاوز كمية الغاز المدخلة 200 طن"، مرجعًا ذلك إلى آلية عمل معبر كرم أبو سالم المجهز بأنبوب واحد فقط لضخ الغاز.

وبين أن متوسط كمية الغاز المدخلة عبر هذا الأنبوب تقدر بـ 180 طنًا في اليوم الواحد، في فصل الشتاء بسبب بروده الأجواء، وقلة ساعات العمل في المعبر، فيما يدخل نفس الأنبوب في فصل الصيف نحو 220 طنًا من الغاز.

وعزا تكرار الأزمة إلى تقليل الاحتلال كمية الغاز المدخلة، فضلاً عن زيادة احتياجات المواطنين من الغاز في فصل الشتاء، نظرًا لاستخدامه في التدفئة، وخاصة في ظل انقطاع التيار الكهربائي، ولجوء عدد من السائقين إلى استخدامه في تشغيل مركباتهم، كبديل عن الوقود.

تجهيز المعبر

وشدد حمادة على أهمية تجهيز معبر كرم أبو سالم، ليتناسب مع طبيعة عمله، وإنشاء أنبوب إضافي على الأقل، لضخ الغاز، حتى يتم تجاوز الأزمة في فصل الشتاء، مشيرًا إلى إجراء لجنته اتصالات حثيثة، لتجنب حدوث هذه الأزمة المتكررة، عبر تمديد خط إضافي لضخ الكميات المطلوبة من الغاز.

ونوه إلى ضرورة إنشاء خزانات وصهاريج للوقود وغاز الطهي في الجانب الفلسطيني من معبر كريم أبو سالم، لتجنب عملية الضخ المباشر من المركبات الإسرائيلية إلى المركبات الفلسطينية والتي تخالف أنظمة السلامة العالمية، وتعرض العاملين في المعبر للخطر.

وأضاف: "طالبنا أكثر من مرة بإنشاء مخزن للوقود والغاز مطابق لمواصفات السلامة العالمية، لكن دون جدوى فالمعبر يفتقر إلى التجهيزات المناسبة، إذ يتم الضخ مباشرة من السيارة الإسرائيلية إلى السيارة الفلسطينية، وهذه الطريقة ممنوعة دوليا ومهنيا وإجرائيا".

وأبدى حشيته من إمكانية حدوث أي خلل في عمل الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم، أثناء ضخ كميات من الوقود أو الغاز الطبيعي، ما قد يؤدي إلى وقوع انفجار يهدد حياة العاملين في المعبر، كما حدث سابقًا مع إحدى مركبات شركة بهلول، وأسفر في حينه عن وفاة 2 من العاملين في الشركة.

وطالب حكومة التوافق الوطني برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، وكافة المسؤولين في قطاع غزة والضفة الغربية، بالضغط على سلطات الاحتلال لتشغيل أنبوب ثان لإدخال الغاز إلى القطاع الساحلي، وتجهيز المعبر بخزانات للوقود والغاز في الجانب الفلسطيني، وتزويد ساعات العمل داخل المعبر، وتشغيله أيام الجمعة من كل أسبوع، حتى يتم تجاوز الأزمة.

ويعمل معبر كرم أبو سالم من الأحد وحتى الخميس من كل أسبوع، من الساعة السابعة صباحًا وحتى الساعة الثالثة عصرًا في فصل الشتاء، والسابعة مساءً في فصل الصيف، وفق رئيس لجنة الغاز في جمعية شركات الوقود.

ويحتاج قطاع غزة يوميًا من 450 إلى 500 طن من غاز الطهي في حين تسمح سلطات الاحتلال فقط بدخول من 200 إلى 250 طن يوميًا، في فصل الصيف، ومن 150 إلى 200 طن يوميًا في فصل الشتاء.

شكوى المواطنين

ويشكو سكان قطاع غزة، في الأيام القليلة الماضية، من وجود أزمة في غاز الطهي اللازم لسد احتياجاتهم اليومية، معربين عن قلقهم من تفاقم الأزمة ودخول مراحل أشد كالأعوام السابقة.

المواطن رامي حسن (45 عاماً)، من سكان مدينة غزة، يقول لـ"مراسل الاقتصادية": "إن دخول قطاع غزة، في أزمة غاز جديدة سيفاقم أوضاع المواطنين، وسيزيد من معاناتهم، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي"، مشيرًا إلى ضرورة تدارك الأزمة قبل تفاقمها.

وأوضح أن تعبئة أسطوانة الغاز 12 كيلو جرام تحتاج في هذه الأيام وقتًا أطول من السابق، وقد يصل في بعض الاحيان إلى أسبوعان، في حين لم تكن تتجاوز عدة أيام قبل الأزمة.

وأبدى حسن خشيته من تفاقم الأزمة وارتفاع أسعار غاز الطهي، والعودة إلى إشعال الحطب والفحم لتدفئة المنازل وخاصة في ظل الأجواء الباردة، الأمر الذي قد ينجم عنه اندلاع حرائق في بعض المنازل والشقق السكنية، أو حدوث حالات اختناق.

وبدت السيدة ريم السوافيري، منزعجة أثناء محادثة مراسل "الاقتصادية" عن أزمة غاز الطهي، وتساءلت: "هل يعقل أن تبقى جرة الغاز (أسطوانة) لدى الموزع 10 أيام؟! أليس هذا حرام!!".

وطالبت السوافيري مسؤولي وزارة الاقتصاد الوطني وجمعية أصحاب شركات البترول والغاز بمراقبة محطات تعبئة الغاز وموزيعه، الذين قالت: "إنهم يتلاعبون بالمواطنين من خلال تعبئة اسطواناتهم وتوزيعها على السائقين لفترة من الزمن"، داعيةً إلى تدخل عاجل لحل الأزمة.

ويقول السائق محمود عبد العاطي (27 عامًا)، لـ"الاقتصادية": "في كل يوم احتاج إلى جرة غاز (أسطوانة غاز 12 كيلو)، لتشغيل سيارة الأجرة التي أعمل عليها من ساعات الفجر الأولى وحتى الساعة الرابعة مساءً، قبل أن أسلمها لسائق آخر يعمل عليها حتى ساعات الفجر الأولى".

وأوضح عبد العاطي، أن بعض محطات تعبئة الغاز الفرعية تقوم بتعبئة أسطوانة الغاز لسائقي سيارات الأجرة مقابل سعر مرتفع، حيث يبلغ سعر تعبئة الأسطوانة الواحدة (12 كيلوجرام)، بـ 100 شيكل، بدلا من 60 شيكل، منوها إلى وجود أزمة في تعبئة الغاز هذه الأيام.

وأضاف: "إن أصحاب هذه المحطات الفرعية يولون أصحاب سيارات الأجرة اهتمامًا أكبر ولهم الأولوية في التعبئة، نظرا لاستفادتهم الأكبر، حيث يقومون بتعبئة اسطوانات الغاز الخاصة بالمواطنين في المحطات الرئيسية وتفريغها في اسطوانات السائقين مقابل أجر أكثر".

ولجأ سائقو سيارات الأجرة في السنوات الماضية، إلى تحويل مركباتهم للعمل بغاز الطهي بدلا من البنزين، بعد ارتفاع أسعار الأخير وشحه، بسبب الاغلاقات الإسرائيلية المتكررة لمعبر كرم أبو سالم، وعدم ادخال كميات كافية من البنزين إلى قطاع غزة.

تخفيف الأزمة

وأعلنت الإدارة العامة لشرطة المرور، أنها بصدد تنفيذ حملات مرورية في محافظات قطاع غزة، لضبط المركبات التي تعمل بغاز الطهي، بهدف التخفيف من حدة الأزمة.

وقال مدير العلاقات العامة والإعلام في شرطة المرور، النقيب أيمن بارود: "إن هذه الحملة تأتي انطلاقًا من دور شرطة المرور في التخفيف من حدة أزمة غاز الطهي، بعد ورود مناشدات للجهاز بضرورة ملاحقة ومحاربة سيارات الأجرة التي تعمل بالغاز، نظرًا لقلة كميات الغاز المدخلة إلى قطاع غزة".

وأوضح النقيب بارود في تصريح خاص بـ"الاقتصادية"، أن سلطات الاحتلال قلصت كميات الغاز المدخلة إلى قطاع غزة، من 350 طن يوميًا إلى نحو 150 طن، وهو ما يشكل نسبته 40%، ما أدى إلى ظهور بوادر أزمة في غاز الطهي المستخدم في المنازل.

وأضاف: "إن الغاز المستخدم في سيارات الأجرة بقطاع غزة هو غاز مخصص للطهي وليس كالغاز المستخدم دوليًا والمخصص للسيارات، وهذا الغاز (غاز الطهي) سريع الاشتعال في حال تسربه، وقد يحدث انفجارًا في سيارة الاجرة ويعرض أرواح المواطنين للخطر".