يرى الخبراء المتواجدون ضمن قمة دبي للمدن المستدامة، أن اقتصاد الاستدامة يشكل فرصة استثمارية واعدة اليوم. وقد تم إطلاق عدة صناديق استثمارية أخيراً ضمن قمة باريس المناخية، فالولايات المتحدة مثلاً أطلقت صندوقاً بـ 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول النامية على تطوير اقتصادات خضراء والاستثمار في الطاقة النظيفة، وعلى مستوى المنطقة قامت دبي أخيراً بإطلاق صندوق دبي الأخضر بقيمة 100 مليار درهم، لتوفير قروض ميسرة وأدوات تمويلية بنسب فائدة منخفضة لمستثمري قطاع الطاقة النظيفة.
وقد يكون من البديهي ربط كلمة استدامة، بإبطاء عملية بناء وتوسعة المدن، لكن هذا المفهوم تغير اليوم مع التقدم التكنلوجي، فحالياً علينا التوسع في المدن ولكن بطريقة مختلفة وأذكى، خاصة إذا ما علمنا أنه على مدن العالم أن تستوعب ضعف عدد السكان الحالي بحلول عام2025، إذ سيصل عدد سكان الأرض إلى 11 مليار نسمة.
يقول أليكس ستيفن، الخبير والكاتب حول مستقبل كوكب الأرض إن مفهوم المدن الذكية يتداخل مع مفهوم المدن المستدامة كثيراً، لأننا عندما نتحدث عن الاستدامة يجب علينا استخدام مصادر الطاقة بكفاءة وفاعلية، ومفهوم المدن الذكية يتنبأ بكيفية عمل الأنظمة وطرق البناء واستخدام المصادر بطريقة أكفأ، للحصول على نتائج أفضل.
ويضيف: "المشكلة أنه ليس هناك حل موحد يناسب جميع المدن، لو أردنا أمثلة جيدة، فمدن أوروبا الشمالية مثلاً كستوكهولم وكوبنهاغن وأمستردام وهامبورغ، تستخدم طاقة أقل وتتبنى مفهوم البناء الأخضر، وتوفر أنظمة تنقل جيدة لمواطنيها، كما تتخذ قرارات حكيمة فيما يخص الطاقة النظيفة. لكن، هناك دول أخرى تقوم بالاستدامة عن طريق تبني مفهوم التوسع بسرعة كالنقل الجماعي، فالصين مثلاً تبني سكك قطارات تمتد على آلاف الأميال، وهذا سيساعد كثيراً في التقليل من استخدام السيارات، لذلك ليس هناك حل للجميع وهذا ما يجعل التحدي مثيراً للاهتمام".
وبالرغم من الجهود الحكومية في المنطقة وكافة التشريعات المشجعة مازال المستثمرون مترددين في الاستثمار في اقتصادات الاستدامة، كالبناء الأخضر وتوظيف التكنولوجيا وانترنت الأشياء في أعمالهم، بسبب ارتفاع التكلفة في بداية الاستثمار وتأخر ظهور العائد عليه.
ويشير ستيفن إلى أن "تريليونات الدولارات تنتقل من استثمارات تقليدية الى الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا البناء والتصميم والطاقة النظيفة. منحنى هذا التحول كبير جداً، مما يجعل من الصعب تحديد أرقام الاستثمارات، فشركة مثل أبل غير متخصصة في مجال الاستدامة، لكنها تعد شركة قائدة في المجال من خلال التكنولوجيا التي تقدمها، فهي اليوم تطور سيارات بلا سائق مثلاً، لكننا بالتأكيد نتكلم عن نقلة بتريليونات الدولارات في الاقتصاد العالمي".
ويرى الخبراء أن اقتصاد الإستدامة اليوم يشكل فرصة استثمارية واعدة، فبحسب قمة المناخ الأخيرة في باريس، أشارت التقديرات إلى أن تحول العالم اليوم لاستخدام الطاقة النظيفة للإبقاء على درجة حرارة الأرض دون درجتين مئويتين، قياساً بعصر ما قبل الثورة الصناعية، يتطلب استثمارات سنوية عند تريليون دولار على الأقل لعدة سنوات قادمة.