غزة- لؤي رجب:
أدى التدهور الكبير الذي تشهده المياه الجوفية في قطاع غزة نتيجة الحفر الجائر للأبار،وما نتج عنها من زيادة في تركيز بعض العناصر الكيميائية وأزمة في مياه الشرب،لانتشار محطات التحلية الخاصة، 60% منها لا يخضع لعمليات الفحص ويعمل دون متابعة منتظمة.
ويبلغ عدد محطات التحلية في القطاع بحوالي ( 154) محطة حوالي 50% منها غير مرخصة من قبل الجهات ، و لوحظ غياب الاهتمام الميكروبولوجي للمياه المحلاة في عدد منها ، وذلك من خلال فحص عينات من محطات التحلية ، وكانت نسبة البكتيريا الموجودة تفوق بكثير النسب المسموح بها مما أدي الى انتشار الامراض.
"الاقتصادية" تابعت الموضوع وأعدت التقرير التالي حيث أكد مختصون في المياه والبيئة في احاديث خاصة على ضرورة استخدام نظام الكلورة للمياه المحلاة لضمان خلو المياه من أي تلوث ميكروبيولوجي محتمل خلال عملية النقل أو التخزين عند المواطن، مما يشكل خطورة على صحة المواطنين الذين يستهلكون المياه المحلاة المنتجة ،ودعو أصحاب محطات التحلية، لتطهير خراطيم مياه الشرب بشكل مستمر، وذلك لنقل المياه العذبة إلى مواطني القطاع بدون تلوث
وخلال دراسة لسلطة جودة البيئة والمياه ،وجد أن المياه المحلاة تختلف من محطة لأخرى، حيث ان ملوحة المياه ممثلة بالأملاح الذائبة تتراوح من 50 -150 mgl،وحسب مقاييس جودة مياه الشرب في فلسطين ،يشترط أن تكون الملوحة أقل من (250 ملجرام) والنترات أقل من (50 ملجرام).
تلوث بيولوجي
و قال مدير دائرة جودة المياه في سلطة البيئة د. تامر الصليبي :" إن ظاهرة محطات تحلية المياه الجوفية بدأت بالظهور مطلع العام 2000 نتيجة زيادة عدد السكان، خاصةً ان المياه في قطاع غزة بشكل عام غير صالحة للشرب ،و هناك ارتفاع في بعض العناصر،و الاملاح ،كالكالسيوم نتيجة استنزاف مياه الخزان الجوفي، وزحف مياه البحر إلى الآبار العذبة والاستخدام الجائر للأسمدة.
وأضاف "بعد انشاء محطات تحلية المياه ،لاحظنا وجود العديد من المشاكل ،حيث تقوم المحطات بعملية فلترة للمياه ، واحيانا تفقد بعض العناصر المناسبة فيها ،مشيرا الى أن الرقابة على محطات التحلية في السابق كانت متقطعة ، وكان تداخل بين الوزارات ،ولكن مع بدء تشكيل اللجنة المكونةمن وزارة الصحة وسلطة المياه والبيئة ، والتي أهم وظائفها هو وضع برنامج رقابي متكامل".
وأشار إلى أنه تم مراقبة حوالي 40محطة تحلية، وعمل الفحوصات الفيزيئاية ، والكيميائية،اللازمة لمياة الابار والمياه المحلاة ، وتحليل العينات في وزارة الصحة.
وبين الصليبي أن تركيز العناصر الفيزيائية والكيميائية لمعظم آبار مياه محطات التحلية في المحافظة الشمالية للقطاع تقع ضمن الحد المسموح فيها حسب المواصفات المحلية والعالمية لمياه الشرب, عدا عنصر النترات كان أعلى من الحد المسموح به في أقل من 40% من الآبار.
منظومة محوسبة
ونوه الصليبي أن سلطته انشئت منظومة إلكترونية محوسبة للتعامل مع البيانات والنتائج المتعلقة بمحطات التحلية الخاصة لتسهيل مراقبتها باستخدام نظم المعلومات الجغرافية GIS، من خلال اللجنة المشتركة لمراقبة أداء محطات التحلية الخاصة ، حيث تعتبر هذه المنظومة هي الأولى من نوعها في قطاع غزة، وتشتمل المنظومة على بيانات عامة وخاصة عن محطات التحلية بالإضافة إلى نتائج التحليل الكيميائي والميكروبيلوجي الدورية لمياه البئر (المصدر) والمياه المحلاه الخاصة بكل محطة.
وأشار الصليبي الى أن هذه المنظومة تتميز بالمرونة العالية، وإمكانية فرز وتصنيف المحطات وفق شروط معينه، وانتاج الخرائط اللازمة لذلك، بالإضافة إلى امكانية اضافة نتائج تحاليل لسنوات قادمة، مما يسهل عملية تقييم ومراقبة أداء المحطات زمانياً ومكانياً،كما يوفر بيئة عمل متكاملة ومترابطة للخدمات الالكترونية البيئية تعمل ككيان الكتروني حكومي واحد.
وفي السياث قال د. منذر سالم مديرعام التخطيط الاستراتيجي – المكلف- بسلطة المياه :" إنه وبعد تردي نوعية المياه في القطاع بدأت سلطة المياه الى منح تراخيص لإنشاء محطات تحلية للمياه،وذلك لتزويد المواطنين بمياه خالية من التلوث، لافتا الى ان سلطة المياه اعتمدت معايير مياه الشرب العالمية، لكن هناك العديد من أصحاب المحطات لم يلتزم بالتعلميات .
وكشف سالم عن تشكيل لجنة مكونة من كل من سلطة المياه ،وسلطة البيئة ووزارة الصحة ،من أجل المراقبة والتفتيش،قد بدأت عملها في الشمال وغزة والوسطي، ولم يتبق سوي محافظتي خان يونس ورفح، حيث سيتم مع بداية بداية العام التعامل معهم .
وقال إن المخالفات تتنوع ،فإذا كانت المحطة مرخصة يتم فحصها واذا كانت مخالفة تأخذ اخطارات.
وتابع في حديث خاص ل " الاقتصادية""هناك اكثر من 154 محطة 70 منها تابعة للقطاع الخاص والباقي تتبع للمؤسسات 40 % فقط مرخصة و 60% تعمل بدون ترخيص".
ونوه الى وجود العديد من المحطات التي تزود المواطنين بالمياه وتحتاج الى استكمال الاجراءات المطلوبة لمنحها الترخيص، وذلك لضمان سلامة المواطنين موضحاً انه تم ارسال اخطارات لهذه المحطات لاستكمال الاجراءات.
وأضاف:" أنّ الوضع المائي في قطاع غزة، يشهد تدهورا مستمرا نتيجة القدرة المحدودة للخزان الجوفي، والتي تقدر بحوالي 55-60 مليون م3 سنوياً، في حين أن نسبة استخراج المياه من الخزان تصل إلى نحو 200 مليون متر مكعب سنوياً.
وحذر سالم من "المخاطر التي قد تنتج عن مياه الشرب التي يعتمد عليها كثير من الناس في القطاع لان 50% منها لا تخضع للرقابة الصحية".
بدورة قال د. سامي لبد مدير دائرة الصحة العامة بوزارة الصحة:" إن وزارته تتابع محطات المياه المحلاة مع سلطتي المياه والبيئة حيث تقوم بأخذعينات من المحطة والخزانات باستمرار، وبشكل دوري وتفحصها وفقا لمعايير خاصة ،بحيث تكون مطابقة للمواصفات والصحة العامة، أهمها أن تكون منزوعة الاملاح ، وألا تكون تركيز الاملاح فيهامرتفع ،مشيرا الى أن وزارتة تقوم بالفحص 3 مرات خلال العام،وتكون الرقابة عشوائية .
وتابع :"أن 95 %من سكان القطاع يستخدمون المياه المحلاة،مبينا أنه في حال وجود تلوث ،في المحطات أو خزانات الماء توعز لهم وزارة الصحة باتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن التلوث، لافتًا إلى أن أكثر الشكاوى تكون بسبب نسبة الملوحة في بعض الأحيان.
متابعة مستمرة
وأكد أن إنخفاض نسبة الكاليسيوم يؤدي لزيادة أعداد المصابين بأمراض هشاشة العظام لدي الكبار، تفاوت الأسنان لدي الاطفال، في القطاع،مبينا "أن الفحوصات الكيميائية تكون على المياه قبل وبعد التحلية, حيث يتم إجراء الفحوصات الكيمائية الأساسية عليها بعدد 15 فحصًا تقريباً وبعدد يتراوح مابين 150-200 عينة سنوياً".
وأفاد أن السبب الرئيس للتلوث الميكروبيولجي في المياه المحلاة المنتجة من محطات التحلية يعود إلى التقصير في إتباع الإرشادات السليمة في عملية الإنتاج والتخزين والتوزيع للمياه المحلاة ،محذرا من الأخطار الصحية التي تحدق بالمواطنين؛ بسبب خلو المياه العذبة من الأملاح.
وتشير الدراسات الى أن اكثر من 40% من "تنكات" المياه الثابتة في منازل المواطنين ملوثة بكتيريًّا، خاصة ان المواطنين لا يلتفتون ولا يرغبون بكلورة المياه لان طعمها يختلف عن السابق.