اعتمد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قانون الميزانية العامة للقطاع الحكومي في إمارة دبي للعام المالي 2016، بإجمالي نفقات قدرها 46.1 مليار درهم.
ووفقا لوكالة "وام" فقد جاءت ميزانية عام 2016 ترجمة لتوجيهات الشيخ محمد، وذلك بالتركيز على تطبيق سياسة مالية حكيمة ترفد عملية النمو الاقتصادي وتواصل السير في خط موازٍ لها بما يؤدي إلى رفع كفاءة الأجهزة الحكومية لتقديم أفضل الخدمات في مجالات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، والاستمرار في تعزيز البنية التحتية لتكون الأفضل على مستوى العالم، ما من شأنه الحفاظ على تبوّؤ الإمارة لأعلى المراتب في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية والدولية، وما ساهم في حصول دولة الإمارات على المركز الأول في مؤشر السعادة على الصعيد الإقليمي.
وأكّد عبدالرحمن صالح آل صالح المدير العام لدائرة المالية بحكومة دبي أن "الإمارة نجحت في تعزيز موازنة بلا عجز للعام الثاني على التوالي، كما استمرت في دعم النمو من خلال زيادة النفقات بنسبة 12% عن العام السابق، الأمر الذي يدفع بالاقتصاد الكلي لدبي إلى مستويات نمو قد تتجاوز ما هو مخطط له".
وقال آل صالح إن الموازنة جاءت ترجمة لتوجيهات الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بضرورة الاهتمام بالجانب الاجتماعي وتطوير محفزات الاستثمار، الأمر الذي ساهم في ارتفاع تصنيف دولة الإمارات في التنافسية العالمية.
وأوضح أن نجاح دبي في زيادة حجم الإنفاق الحكومي مع الحفاظ على إصدار الموازنة بلا عجز، بالرغم من الأوضاع الاقتصادية العالمية، جاء نتيجة انتهاج سياسات مالية صارمة صدرت عن اللجنة العليا للسياسة المالية برئاسة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس اللجنة، وكان تركيزها مُنصباً على زيادة الإنفاق الرشيد لتنمية قطاعات الاقتصاد والبنية التحتية والمواصلات والأمن والعدل والسلامة والخدمات الحكومية والتميز والتنمية الاجتماعية.
وقد زادت إيرادات رسوم الخدمات الحكومية والتي تمثل 74% من الإيرادات الإجمالية الحكومية بنسبة 12% مقارنة بالعام المالي 2015. وتعكس هذه الزيادة معدلات النمو المتوقعة للإمارة كما تُبرز التطور والتنوع في الخدمات الحكومية.
ويعود هذا الارتفاع إلى نمو اقتصادي حقيقي ملحوظ خلال العمل بموازنة 2015 مع زيادات محدودة ومدروسة لبعض الخدمات الحكومية وزيادات تهدف إلى تنظيم السوق العقارية.
وجاءت الإيرادات الضريبية لتمثل 19% من إجمالي الإيرادات الحكومية وهي تشمل الجمارك وضرائب البنوك الأجنبية.
وتمثل تقديرات إيرادات بيع النفط ما نسبته 6% فقط من الإيرادات الحكومية للإمارة، علماً بأن صافي إيرادات النفط حققت انخفاضاً ملحوظاً نظراً إلى انخفاض أسعار النفط عالمياً وانخفاض الكميات المنتجة الأمر الذي يظهر مدى تجاوز اقتصاد إمارة دبي لمرحلة النفط.
وقد حرصت الإمارة على خفض مخصصات الموازنة من عوائد الاستثمارات الحكومية دعماً منها لزيادة المخصصات المُعاد استثمارها، من أجل الإسهام في دفع عجلة النمو الاقتصادي للإمارة.
النفقات الحكومية
تُظهر أرقام توزيع النفقات الحكومية أن بند الرواتب والأجور يمثل ما نسبته 36% من إجمالي الإنفاق الحكومي، ما يؤكد حرص الحكومة على دعم التوظيف ودعم الموارد البشرية في الإمارة، وكذلك إتاحة أكثر من 3,000 فرصة عمل جديدة للمواطنين خلال العمل بموازنة العام المالي 2016. ويعد هذا استمراراً لنهج سياسة التوطين وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين.
أما المصروفات العمومية والإدارية والمصروفات الرأسمالية والمنح والدعم فقد مثلت ما نسبته 45% من إجمالي الإنفاق الحكومي في موازنة 2016، وهي نسبة تؤكد حرص الحكومة على الحفاظ على تطور المؤسسات الحكومية ورقيها ودعم تلك المؤسسات لتقديم أفضل الخدمات الحكومية لمواطني الإمارة والمقيمين على أراضيها، كما تعكس دعم الحكومة للهيئات والمؤسسات الإسكانية والأنشطة الرياضية وجمعيات النفع العام والجمعيات الخيرية والإعلام، بما يحقق رفاهية المواطنين والمقيمين ويرفع معدلات السعادة المجتمعية.
مشاريع البنية التحتية
من جهة أخرى، تواصل حكومة دبي دعم مشاريع البنية التحتية من خلال تخصيص ما نسبته 14% من الإنفاق الحكومي لتطوير مشاريع البنية التحتية، والعمل الدؤوب لبناء بنية تحتية متميزة تسهم في جعل الإمارة جاذبة للاستثمار. كما تخطط الحكومة للحفاظ على هذا المستوى من حجم استثماراتها في البنية التحتية خلال الأعوام الخمسة القادمة، الأمر الذي يضمن استمرار النمو المستدام للاقتصاد الكلي في الإمارة ويعزز التوقعات العالمية تجاه دبي لاستضافة إكسبو 2020.
وتظهر الأرقام الواردة في موازنة العام المالي 2016 كذلك اهتمام حكومة دبي الكبير بمواصلة التعامل الناجح والجادّ مع القروض، عبر توجيه 5% من إجمالي الإنفاق لخدمة الدين دعماً للاستدامة المالية للحكومة.
ويظهر من استعراض توزيع النفقات الحكومية على مستوى القطاعات الرئيسية مدى اهتمام الحكومة بالإنسان استرشاداً برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي تعتبر "الإنسان هو الثروة الحقيقة للوطن". ويمثل الإنفاق على قطاع التنمية الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والإسكان وتنمية المجتمع والابتكار 37% من الإنفاق الحكومي، وقد اهتمت حكومة دبي بدعم الخدمات الاجتماعية من خلال مواصلة دعمها لصندوق المنافع العامة لدعم الأسر المعيلة ورعاية الأمومة والطفولة والمعاقين ورعاية الشباب والأندية الرياضية.
كما أفردت حكومة دبي اهتماماً خاصاً بدعم الابتكار والمعرفة من خلال إنشاء متحف الابتكار والمعرفة وتخصيص موارد محددة لدعم الابتكار وجعله ثقافة مجتمع.
ولم تغفل حكومة دبي عن دعم قطاع الأمن والعدل والسلامة وذلك من خلال تخصيص 21% من الإنفاق العام لهذا القطاع المهم والحيوي، وذلك من خلال دعم التطوير والابتكار في هذا القطاع والوصول به إلى آفاق من التقدم حتى أصبح من القطاعات التي يشار إليها عالمياً.
وحافظ قطاع الاقتصاد والبنية التحتية والمواصلات في 2016 على اهتمام الحكومة البالغ، إذ تم رصد ما نسبته 36% من الإنفاق الحكومي لهذا القطاع، ما من شأنه الإسهام في تحقيق تطلعات الإمارة إلى إرساء بنية تحتية متميزة تتسم بكونها دائمة التطور وجاذبة للاستثمار، وجعل دبي مركزاً لوجيستيا وسياحيا تتضح ملامحه من حجم السياحة السنوية وأعداد مستخدمي مطارات دبي.
وتطورت موازنة العام المالي 2016 مقارنة بالعام المالي 2015، إذ تشهد جميع القطاعات تطوراً ايجابياً.
وأكّد عارف عبدالرحمن أهلي المدير التنفيذي لقطاع الموازنة والتخطيط في دائرة المالية أن "نجاح الحكومة في الإعلان عن موازنة بهذا الحجم بالرغم من الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية جاء ثمرة للجهود المبذولة في مجال تطبيق السياسات المالية الرشيدة"، لافتاً إلى أن حكومة دبي قد تبنّت ضرورة تحقيق فائض تشغيلي بما يساهم في تحقيق الاستدامة المالية للإمارة، وذلك من خلال آليات مستحدثة تشمل تطوير أداء الموازنة العامة والتخطيط المالي بهدف الاستغلال الأمثل للموارد المالية الحكومية.
من جانبه، أشار جمال حامد المري المدير التنفيذي لقطاع الحسابات المركزية في دائرة المالية إلى جهود الدائرة المستمرة في شأن تطوير آليات تنفيذ الموازنة العامة وتحديثها بهدف رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، من خلال التنسيق المستمر مع الجهات الحكومية بُغية تطوير هيكل الايرادات العامة للإمارة بما يتلاءم مع الخدمات المقدمة، وتطوير التحصيل بما يحقق سهولة التعامل الحكومي وزيادة رضا المتعاملين، الأمر الذي يساهم في تطور القدرات التنافسية للإمارة.