طفت قضية معبر رفح الحدودي إلى السطح مجددًا، بعد اعلان الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة، عن مبادرة لحل أزمته، وتقديمها للسلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة التوافق الوطني من جهة، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من جهة أخرى.
وفور الإعلان عن هذه المبادرة، باشرت القوى والفصائل وشخصيات وطنية، بإجراء اتصالات وتحركات جادة، لبحث إنهاء الأزمة العالقة منذ سنوات طويلة، وتفاقمت منذ إطاحة الجيش المصري بالرئيس السابق محمد مرسي، وإغلاقه بشكل متواصل.
ولا تزال الفصائل تنتظر عودة وفدهاالمتواجد في رام الله بالضفة الغربية،منذ عدة أيام، لبحث تفاصيلها مع حركة "حماس"، وفق القيادي في الحركة د. أحمد يوسف.
وقال يوسف في تصريح لـ"الاقتصادية": "إن وفدًا فصائليًا من قطاع غزة توجه إلى الضفة الغربية، قبل عدة أيام، للتشاور مع رئيس السلطة محمود عباس، ورئيس حكومة التوافق الوطني د. رامي الحمدالله، في المبادرة المطروحة لحل أزمة المعبر".
ورفض يوسف الكشف عن هوية الشخصيات الفصائلية المشاركة في الوفد المتواجدفي الضفة الغربية، لكنه أكد أن "حركتهتنتظر عودة الوفد من الضفة، لاستكمال المشاورات، وبحث كافة التفاصيل، واطلاعها على نتائج اللقاءات التي عقدت مع الرئيس عباس ورئيس الحكومة"، مبينًا أن رد حماس على المبادرة مرتبط بما سيحمله الوفد من نتائج.
وقالت حركة "حماس"، التي لا تزال تتولى مقاليد الحكم في قطاع غزة، في بيان صحفي، مؤخرًا: إنها "تدرس مقترحات قُدمت لها، لحل أزمة معبر رفح".وأكد أن الحكومة والفصائل ستعرض المبادرة على السلطات المصرية عقب التوافق عليها فلسطينيا.
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،قد أعلنت في 15 ديسمبر/كانون أول الماضي، عن استكمالها مع غالبية الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية بلورة "مبادرة"، لحل أزمة معبر رفح.
وشهد العام المنصرم، إغلاقًا مستمرًا لمعبر رفح البري المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة، على مدار 345 يومًا ولم تفتحه إلا لمدة 21 يومًا بشكل متقطع أمام الحالات الإنسانية والمرضى والعالقين. ويعتبر العام 2015 أسوء الأعوام على صعيد حركة التنقل على معبر رفح.
مبادرة ايجابية
بدوره؛ توقع رئيس التجمع الفلسطيني المستقل د. عبد الكريم شبير، عودة وفد الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية إلى قطاع غزة، اليوم الأربعاء أو غدًا الخميس، على أبعد تقدير، مؤكدًا أن هذه المبادرة ايجابية، وفي حال تم التوافق عليها، فإنها ستنهي معاناة سكان قطاع غزة.
ونقل شبير في تصريح لـ"الاقتصادية"، عن مصادر مصرية، أن القاهرة تدرس حاليًا مبادرة لفتح معبر رفح الحدودي، مع قطاع غزة، من جوانب أمنية وإدارية وفنية.
وأكد أن اجتماعًا سيعقد في قطاع غزة، اليوم، بحضور ممثلي الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية وشخصيات اعتبارية وسياسية، للتباحث في تفاصيل المبادرة، مشيرًا إلى وجود رغبة لدى جميع الأطراف الفلسطينية لإنهاء أزمة معبر رفح.
وكان عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جميل مزهر، قد كشف عن زيارة مرتقبة لوفد من حكومة التوافق الوطني إلى قطاع غزة، لبحث مبادرة حل أزمة معبر رفح، لكن هذه الزيارة مرهونةبموافقة حماس على المبادرة التي قدمتها الفصائل.وبحسب مزهر، فإن هناك مؤشرات إيجابية (لم يكشف عنها)، لتجاوب حماس مع "المبادرة".
وشكلت حكومة التوافق الوطني، مؤخرا، لجنة وزارية لمتابعة المبادرة التي تقدمت بها الفصائل، يترأسها رئيس الحكومة رامي الحمد الله، وتضم: نائب رئيس حكومة الوفاق، ووزير الخارجية، ووزير المالية والتخطيط، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، ووكيل وزارة الداخلية.
وبحثت اللجنة في أول اجتماعاتها، الأسبوع الماضي، تشكيل لجنة فرعية تقنية، لترجمة الأفكار المطروحة إلى إجراءات عملية، لحل مشكلة المعبر في أسرع وقت ممكن، مشيرة إلى أنها ستقوم باطلاع الجانب المصري على جهود الحكومة من أجل فتح معبر رفح.
ويربط معبر رفح البري، قطاع غزة، بالأراضي المصرية، لكن السلطات المصرية تغلقه بشكل شبه كامل، منذ يوليو/تموز عام 2013، وتفتحه استثنائيًا وعلى فترات متباعدة، لسفر الحالات الإنسانية، إلى جانب تدمير مئات الأنفاق الأرضية على طول الشريط الحدودي، والتي تستخدم في تهريب البضائع والمواد الغذائية.
تحريك عجلة الاقتصاد
من ناحيته؛ أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية، د. معين رجب، أن فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، سيشكل دفعة قوية لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني في قطاع غزة، وسيعمل على تشجيع الاستثمار الخارجي وزيادة حجمه، في الأسواق الغزية.
وبين رجب في تصريح لـ"الاقتصادية"، أن فتح المعبر الحدودي سيمنح المستثمرين شعورا بالأمان تجاه قطاع غزة، ما سيشجع على إعادة الاستثمار في مجالات مختلفة وخاصة السياحية، والتي تعرضت لخسائر كبيرة في العام الماضي، جراء تواصل اغلاق المعبر.
وأوضح أن حركة المسافرين من وإلى قطاع غزة، ستعمل على ضخ الأموال من الخارج وزيادة استثمار المغتربين والشركات الخارجية في القطاع الساحلي المحاصر منذ سنوات طويلة، إضافة إلى أن حركة الوفود التضامنية ستؤثر ايجابيًا على الاقتصاد الغزي.
واقترح رجب أن تتولى شركات خاصة إدارة معبر رفح الحدودي لضمان عمله في كلا الاتجاهين والسماح للمواطنين والوافدين بالسفر من والى قطاع غزة.
ويتكبد أصحاب المشاريع الاستثمارية في قطاع غزة، وخاصة السياحية منها، خسائر جمة، جراء وقف توافد السياح إلى القطاع المحاصر، منذ ما يزيد عن 8 سنوات، ومنع دخول الوفود التضامنية إليه، ما دفع رؤوس الأموال إلى الهروب بعيدًا، خشية تكبد خسائر أكثر مع ازدياد الأوضاع سوءاً وترديًا.
وبلغت قيمة الخسائر في قطاعي الفنادق والمطاعم خلال العام المنصرم (2015)، نحو 6 ملايين دولار، في ظل التراجع الكبير في قطاع السياحة، بحسب احصاءات رسمية صادرة عن الهيئة الفلسطينية للمطاعم والفنادق.
وفي السنوات الماضية،طرحت العديد من المبادرات لحل أزمة معبر رفح، لكنها لم تلقى اهتمامًا من الفرقاء،وكانت آخرها مبادرة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بتولي اللجنة الدولية للصليب الأحمر مهمة الإشراف على معبر رفح الحدودي، بشكل مؤقت ولأسباب إنسانية، إلى حين توصل حركتي فتح وحماس إلى اتفاق يكفل تشغيل المعبر بشكل منتظم ودائم.