أثار خصم وزارة المالية في حكومة التوافق الوطني، قرار خصم فاتورة الكهرباء كاملة بما لا يزيد عن 500 شيكل شهرياً، من موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، استياءً واسعًا وسخطًا في صفوف الموظفين المستهدفين من القرار.
وأبدى موظفون التقتهم صحيفة "الاقتصادية"، امتعاضهم الشديد ورفضهم لهذا القرار الذي يزيد من معاناة الموظف في قطاع غزة، المحاصر إسرائيليًا منذ عام 2007، في ظل أوضاع اقتصادية ومادية متردية للغاية، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار دون تحسن الرواتب.
وكانت حكومة التوافق الوطني قد قررت في جلستها الأخيرة زيادة خصم الكهرباء بدلاً من 170 شيكل إلى خصم الفاتورة الشهرية كاملة بما لا يزيد عن 500 شيكل، مع البدء بخصم المستحقات السابقة.
قرار تعسفي
واحتج الموظف رامي عبد الرحمن،على قرار الحكومة، بزيادة نسبة خصم الكهرباء لتشمل الفاتورة الشهرية كاملة بما لا يزيد عن 500 شيكل، مطالبًا الحكومة بالتراجع عن هذا القرار الذي وصفه بـ"التعسفي".
وتساءل عبد الرحمن الذي يعيل أسرة مكونة من 5 أفراد، في تصريح لمراسل "الاقتصادية": "كيف تقوم الحكومة بخصم فاتورة الكهرباء عن الموظف في حين أن راتبه الشهري لا يكفي لسد احتياجاته واحتياجات اسرته اليومية، بسبب ارتفاع الاسعار وتردي الأوضاع؟!".
وأوضح عبد الرحمن وهو ينفث دخان سيجارته بغضب، أن الحكومة لا تنفك عن اجراء خصومات بحق موظفي غزة، في وقت تحرمهم فيه من حقوقهم في العلاوات الإدارية والاشرافيةأسوة بزملائهم في الضفة الغربية، داعيًا الحكومة إلى دعم ومساندة الموظف الغزي الذي التزم بقرار السلطة واستنكف عن العمل.
وكانت السلطة الفلسطينية في رام الله، قد أصدرت قرارًا في عام 2007، عقب أحداث الانقسام بين حركتي فتح وحماس، وفرض الأخيرة سيطرتها على قطاع غزة، طالبت فيه موظفيهابعدم التوجه إلى أماكن عملهم والمكوث في المنزل، دون المساس برواتبهم الشهرية.
أما الشاب أدهم جهاد، الذي اكتفى بهذا الاسم في التعريف عن نفسه، فقد قال: إنّ "السلطة تظن أن رواتب موظفيها مرتفعة جدًا، وأن الأوضاع المعيشية ميسرة في غزة!! ألا تعلم أن الضرائب تفرض على كل شيء؟!".
وتساءل جهاد أثناء حديثه مع مراسل "الاقتصادية"، بحرقة: "هل هذه هي مكافأة السلطة لموظفي غزة الذين التزموا بقراراتها وبقوا على العهد؟!"، مبينًا أن خصم الكهرباء السابق (170 شيكل) شمله، بسبب تراكم الديون على والده.
وعدّد أحد موظفي السلطة، ويدعى أكرم سليمان،الخصومات التي طالت موظفي السلطة في قطاع غزة، بدءًا من وقف علاوة القيادة على العسكريين ووقف العلاوات على المدنيين وبدل المواصلات،وخصم يوم عمللصالح مخيمات اليرموك ونهر البارد.
ووصف سليمان على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، خصومات السلطة بـ"المنشار"، قائلاً: "السلطة زي المنشارطالع واكل نازل واكل"، مطالبًا بضرورة العدول عن هذا القرار والوقوف إلى جانب الموظف ودعمه للصمود في وجه الحصار المفروض على غزة.
وضحك الموظف حازم السويسي، باستهزاء حين وجه مراسل "الاقتصادية" سؤالا له عن خصم الكهرباء؛ وقال: "الحكومة بتخصم علينا كهرباء واحنا أصلا ما بنشوفها (..) الكهرباء بتزورنا كل سنة مرة، وبتيجي خجلانه كمان"، مطالبًا بإعادة الخصم إلى ما كان عليه.
وأضاف السويسي: "من المفترض أن يرفع الموظفون دعوى قضائية ضد الحكومة وشركة الكهرباء، فالأولى تخصم من راتب الموظف دون أي وجه حق، والأخرى لا تزودنا بالكهرباء المطلوبة، فالتيار الكهربائي يقطع لمدة تزيد عن نصف اليوم".
ودعا رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة رامي الحمد الله وكافة المسؤولين، إلى العمل الجاد من أجل وقف هذه المهزلة، ودعم شركة الكهرباء بالمال والوقود لتزويد المواطنين المحاصرين بالتيار الكهربائي بأسعار مخفضة، وعدم زيادة العبء الملقى على كاهل الموظف جراء ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وقلة الرواتب وكثرة الديون.
وقررت الحكومة الاستجابةً لطلب شركة توزيع الكهرباء في غزة،والاستمرار بتنفيذ القرارات السابقة المتعلقة بخصم قيمة فاتورة الكهرباء من الرواتب لشريحة الموظفين، على أن تكون قيمة الخصم حقيقية ومساوية لقيمة الفاتورة، مما يحقق العدالة في الخصم بين المستهلكين، إضافة إلى أن ذلك يساعد في تحسين الجباية ويقلل من الديون المترتبة على قطاع الكهرباء،وفق بيان حكومي.
تراكم الديون
بدوره؛ أكد نائب رئيس سلطة الطاقة في غزة، فتحي الشيخ خليل، أنّ أزمة الكهرباء سياسية وتهدف إلى تشديد الحصار على القطاع الساحلي، مشيرا إلى حاجة غزة لـ 500 ميغاواط لحل هذه الأزمة بشكل جذري.
وقال: إنّ"تراكم الديون بشكل كبير على موظفي السلطة في غزة أدى إلى قيام وزارة المالية في رام الله بخصم مبلغ 170 شيكلاً (الدولار 3.88 شيكل) شهرياً،قبل عدة سنوات دون النظر إلى كمية الاستهلاك الشهري الخاصة بالموظف، والتي تتجاوز هذه المبالغ".
وأوضح الشيخ خليل في مقابلة صحفيةأن زيادة استهلاك الموظف الشهري، وزيادة الأعباء المالية دفع الشركة للتوافق مع حكومة التوافق الوطني مؤخراً على زيادة الخصومات المالية لتشمل إجمالي الفاتورة بما لا يزيد عن مبلغ 500 شيكلاً شهرياً.
وبين الشيخ خليل أن هذه الاستقطاعات تأتي من أجل تحسين عملية الجباية وزيادة كميات الوقود المرسلة لمحطة توليد الكهرباء بغزة والعمل على توفير بدائل جديدة لتحسين مصادر الطاقة الموجودة.