أكد رجل الأعمال الفلسطيني زاهي خوري أنّ الاستثمار الهادف قادر على تحقيق التنمية المجتمعية، ومساندة وتمكين الشباب، ومواجهة التحديات إلى جانب دوره في بناء دولتنا الفلسطينية المستقلة، لا سيما في المرحلة الراهنة والتي باتت تستوجب مزيداً من الجهد والعمل لاحتضان الشباب الفلسطيني وتمكينه من تحقيق آماله في العيش بكرامة في دولة فلسطين المستقلة، وما يتطلبه ذلك من تكثيف الاستثمار في الوطن والإنسان لمساندة جهود بناء الدولة الفلسطينية المستقلة خاصة مع اشتداد التحديات السياسية والاقتصادية.
وأضاف خوري "اليوم وبعد سنوات من العمل من أجل بناء الدولة المستقلة، وفي ظل مؤشرات خطيرة تدلّ على انتشار مشاعر الإحباط واليأس لدى قسم كبير من الشباب الفلسطيني، نتيجة التدهور السياسي الحاصل في مسيرة عملية السلام، ومع تواصل ارتفاع نسب البطالة سنوياً، في أوساط الشباب الفلسطيني والخريجين، فإن أبناءنا الشباب يتوقعون منا أن نصغي إليهم ونعمل معهم بشراكة كاملة لتمكينهم من تولي زمام القيادة والبناء، وأن نشارك بفعالية من أجل تلبية الاحتياجات المجتمعية والاقتصادية وعلى رأسها خلق المزيد من فرص العمل، حتى نتمكن من تشييد وتعزيز أركان الدولة الفلسطينية المستقلة ومواجهة التحديات المحيطة بنا".
جاءت أقوال خوري تعقيباً على نيله لجائزة المؤسسة الدولية Business for Peace لعام 2015، حيث تسلّم الجائزة إلى جانب ثلاثة رجال أعمال وسيدة أعمال هم السيد بول بولمن من هولندا، والسيد خوان آندريا كانو من كولومبيا، والسيدة بومَن لُو من الصين، والسيد ميريل جوزيف فرناندو من سيريلانكا.
وجرى منح الجائزة للمُكرّمين خلال مراسم احتفال رسمية أُقيمت في قاعة بلدية أوسلو بالنرويج لتكريم قادة أعمال وأصحاب مبادرات إنسانية وخيرية حول العالم. وتمنح مؤسسة Business for Peace الجائزة التي تحمل اسمها سنوياً؛ لرجال وسيدات الأعمال الذين جسّدوا مفاهيم المؤسسة المتمثلة في إنشاء أعمال تجارية مسؤولة وذات تأثير ملموس على الأرض بما يخدم مجتمعاتهم والعالم والقضايا الإنسانية والبيئية. ومن بين الشركاء الداعمين للجائزة كل من غرفة التجارة الدولية ICC في باريس، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، والميثاق العالمي للأمم المتحدة The Global Compact وغيرهم من المؤسسات الدولية.
ويتم اختيار الشخصيات المكرّمة من قِبل لجنة مستقلة حاز أعضاؤها على جائزة نوبل في السلام والاقتصاد، وذلك وفق معايير محددة بعد أن يتم ترشيح الشخصيات عبر العالم من خلال مؤسسات دولية وأممية مرموقة. ومن بين أشهر الشخصيات الدولية التي جرى تكريمها؛ السيد عدنان قصّار من لبنان رئيس مجلس إدارة فرانسا بنك، ورجل الأعمال المعروف على مستوى الشرق الأوسط السيد عارف نقفي من جمهورية الباكستان وهو المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج، والسيدة ناديا السقّاف من اليمن وهي رئيس تحرير صحيفة اليمن تايمز باللغة الإنجليزية، والسير ريتشارد برانستون من المملكة المتحدة وهو مؤسس ومالك مجموعة فيرجين، والسيد بول بولمن من هولندا وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة Unilever، إضافة إلى نخبة من رجال الأعمال وأصحاب المبادرات الاقتصادية والمجتمعية التي ساهمت في التغيير على نطاق واسع في أكثر من مكان في العالم.
وكأول رجل أعمال فلسطيني يُتوج بجائزة دولية رفيعة المستوى، عبّر خوري عن فخره بهذه الجائزة التي تسلمها إلى جانب عدد من رجال وسيدات الأعمال في العالم، وقال "إنّ من أهم الطرق الناجحة لتعزيز وتمكين اقتصاد دولة ما، هو الدمج ما بين الاستثمار والتنمية المجتمعية، والذي لا يقتصر على الاستثمار في رأس المال وإنما الأهم الاستثمار في رأس المال البشري وفي الموارد الطبيعية، هذا النموذج من الاستثمار هو علاقة رابحة لكافة الأطراف، المستثمر والمجتمع والدولة".
وحول أهمية الاستثمار في فلسطين، أوضح خوري أن فلسطين اليوم بحاجة أكبر لأبنائها من المستثمرين وذوي الكفاءات والخبرات في الشتات، وفي ظل الظرف السياسي الراهن، بات من الضروري توجيه بوصلة المستثمرين ورجال الأعمال الفلسطينيين في الوطن والمهجر إلى فلسطين، والتركيز على الاستثمار ذي البعد التنموي الذي يوفر مئات أو آلاف فرص العمل للشباب الفلسطيني، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.
وأردف خوري أن المئات من رجال الأعمال في الشتات عادوا إلى الوطن واستثمروا فيه وتمكنوا من تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض ساهمت في النهوض بمستوى الخدمات ونمو فرص العمل والانطلاق إلى أسواق عالمية، ما يصبّ في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني. كما تساهم هذه الشركات والمشاريع في التنمية المجتمعية من خلال التزامها المنهجي بدعم المشاريع المجتمعية والتنموية وعلى رأسها مشاريع تمكين المرأة والشباب، وتطبيق ممارسات الاستدامة ومبادئ الميثاق العالمي للأمم المتحدة لاسيّما مبدأ التوظيف العادل والفرص المتساوية لكلا الجنسيْن واتباع مبادئ حقوق الإنسان وحماية البيئة.
كما اعتبر خوري أن الاستثمار في موارد الوطن البشرية والطبيعية له طعم مُغاير عن الاستثمار في أي مكان آخر في العالم، لاسيّما وأن الاستثمار في فلسطين مجدٍ ويَعد بآفاقٍ واسعة ومتنوّعة في مجالات الاستثمار على الرغم من المتغيرات في المنطقة، والسبب يعود لحقيقة ما تزخر به فلسطين من فرص استثمارية متجدّدة، ولوفرة الموارد الطبيعية والكفاءات الشابة والعقول المبدعة التي تنتظر الدعم والتحفيز، وهذه كلها عوامل مشجعة على الاستثمار.
وعن قراره الاستثمار في الوطن؛ قال خوري "فوْر عوْدتي من الولايات المتحدة في العام 1994 إلى أرض الوطن، تسلّحت بالعزم والطموح في وطني الصغير الذي لا يزال يقبع تحت الاحتلال لكنه في ذات الوقت يحتضن الكثير من الفرص، وتمتاز شريحة المستثمرين في فلسطين بقدرتهم على التعامل مع المتغيرات اعتماداً على استراتيجيات مرنة، وتطويع التحديات، وإيجاد حلول خلّاقة وبديلة لضمان تحقيق العائد المعنوي والمادي من الاستثمار، أما الميزة الثانية للمستثمر الفلسطيني فهي أنه إنسان فلسطيني يمتاز بطبعه بالعزيمة والإرادة رغم الظروف المتقلّبة".
ومن الجدير ذكره، أن رجل الأعمال السيد زاهي خوري ساهم في تحقيق العديد من الإنجازات الاقتصادية في فلسطين، وأبرزها تأسيس شركة باديكو القابضة عام 1993، والتي تُعنى بتطوير وتعزيز الاقتصاد الفلسطيني من خلال تركيز الاستثمار في قطاعات اقتصادية حيوية وهامة لتوفير فرص العمل للأيدي العاملة والاستثمارات الريادية ذات البُعد التنموي للسوق الفلسطيني، وتأسيس شركة المشروبات الوطنية كوكاكولا/كابي عام 1998 والتي يترأس خوري مجلس إدارتها، حيث تبوأت الشركة مركزاً رئيساً في قطاع الأغذية والمشروبات في فلسطين، نظراً لجودة منتجاتها والتزامها بالمواصفات والمقاييس العالمية، وباعتبارها أحد المشغلين الكبار للأيدي العاملة في القطاع الخاص، إلى جانب التزامها بدورها المجتمعي والتنموي في قطاعات التعليم والشباب والرياضة والبيئة وغيرها.
أما على صعيد مساهماته الخيرية والتنموية؛ فقد ساهم خوري في توفير الدعم المالي لصندوق "الابتكار" للمشاريع الريادية، والذي يمنح الفرصة للشباب الفلسطيني للعمل على مشاريع مبتكرة ناشئة. وأسس برنامجاً للزمالة بالتعاون مع المؤسسة الأمريكية "شباب الغد" Tomorrow’s Youth Organization، حيث يهدف هذا البرنامج إلى تمكين الطلبة والخريجين الأمريكيين من أصل فلسطيني والطلبة الأقل حظاً من مدينة نابلس، ومنحهم الفرصة للانخراط في برامج تنموية في مجالات التعليم، وتمكين الشباب والمرأة، إلى جانب مشاريع التنمية الاقتصادية.