في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ومع ندرة العمل وقلة الفرص, وانعدام مقومات الحياة, انتشرت في الآونة الأخيرة مشاريع تربية الدواجن فوق أسطح المنازل وفي المزارع الخاصة بها.
صحيفة " الاقتصادية" سلطت الضوء علي هذه المشاريع, التي يعتبرها أصحابها الدخل الوحيد لهم في ظل تفشي البطالة في قطاع غزة.
سطح منزل المواطن محمد ابو مصطفي تحول إلي مكان لتربية الدواجن وبعض الحيوانات كالأرانب التي تكفي الأسرة طعاماً وشراباً أغلب أشهر السنة, وهو أسلوب ينتهجه العديد من سكان قطاع غزة في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية داخل البلد.
المزارع المبتدأ محمد أبو مصطفي الذي يعيل 7 أشخاص قام قبل عدة أشهر بتخصيص مساحة لا تزيد عن 80 متر من مسطح المنزل كمزرعة لتربية الدواجن, لتلبية القليل مما تحتاجه الأسرة، ومع مرور الوقت أصبح نتاج ما يزرعه يكفي احتياجات الأسرة بالكامل, حسب قوله.
وحول فكرة المشروع يبدأ ابو مصطفى حديثه لمراسل "الاقتصادية" قائلاً:" مع قلة الدخل في البلد, وندرة العمل فكرت في مشروع الدجاج لأتمكن من توفير بعض الدخل الخاص بعائلتي".
ويتابع أبو مصطفي:" في بداية الأمر قمت بتنزيل 1000 صوص, واتفقت مع التاجر علي الآلية الخاصة بالعمل وهي تزويدي بالصوص والعلف والنجارة والغاز والأدوية الخاصة بالعناية بالدجاج".
ويلف إلي أنه يقوم بدفع مبلغ من المال للتاجر, ويقوم بعملية السداد بعد نهاية المشروع, وفي حال كانت الخسارة فإنه يقوم بتنزيل كمية أخري من نفس التاجر إلي حين نجاح المشروع وإكمال ما عليه من ديون.
وبحسب أبو مصطفي فإن حضانة الكتاكيت هي أصعب مراحل تربية الدجاج, وتحتاج لعناية خاصة جداً.
و"حضانة الكتاكيت" هي الفترة التي تلي خروج الكتاكيت من البيض وتستمر حتي بلوغ الكتاكيت ثمانية أسابيع من العمر, وهي فترة حساسة جداً في حياة الكتاكيت, وتستدعي هذه الفترة ضرورة توفير الظروف المناسبة لنمو الكتاكيت وتوفير احتياجاتها من الحرارة والتهوية والرعاية الصحية السليمة, ويتم تحضين الكتاكيت إما في حضانات أرضية أو في بطاريات.
حال المواطن الأعزب محمد الغلبان ليس بعيداً عن حال أبو مصطفي, حيث قام باستئجار مزرعة بمبلغ 800 شيكل, تكفي لزراعة 3 آلاف صوص, حيث بدأ كشريك مع مجموعة من أصدقائه في هذا المشروع.
المشروع وحسب الشاب العاطل عن العمل عبارة عن مغامرة فهو مشروع غير بسيط وله مخاطر كبيرة, مضيفاُ:" أن التوفيق أولاً وأخيراً من الله عز وجل".
وأوضح أنهم واجهوا العديد من المخاطر خلال فترة المشروع منها: تقلب الأسعار في السوق, إلي جانب ارتفاع سعر الاعلاف مما يؤثر علي الزراعة, كما أن قلة توفر الغاز الخاص بالتدفئة يعتبر عائق كبير في التربية وخطر محدق في حال عدم توفره خاصة في موسم الشتاء.
ويقول:" نعاني من لعبة التجار الكبار في رفع وتنزيل أسعار الصوص, فعلي سبيل المثال قمت بشراء الصوص ب3.5 شيكل للصوص الواحد, وبعد التنزيل بمدة نزل سعر الصوص إلي 2 شيكل ما قد يسبب خسارة حتمية".
ويتابع:" انا غير مرتبط بمشروع واحد, وأقوم بالبحث عن مشاريع بديلة تكون نسبة الفائدة منها أكبر ونسبة الخسارة أقل, ولكن حتي اللحظة سأستمر في المشروع بالرغم من خطر الخسارة المتوقع".
وحسب بعض مربي الدواجن فإن نسبة الخطورة للمشروع كبيرة, خصوصاً إذا كانت الزراعة بالأجل والدين, وبالتالي تتم الملاحقة من قبل التاجر من أجل سداد ما عليهم من ديون, وفي حال عدم السداد يقوم التاجر بابتزاز المزارع ويجبره علي الزراعة مرة أخري علها تسد ديونه.
وتسبب تربية الدواجن والحمام أعلى أسطح المنازل، مخاطر صحية وبيئية كبيرة تهدد حياة المواطنين المجاورين لها، وتزيد نسبة التعرض لهذه المخاطر عند الحوامل والأطفال وكبار السن، وتؤدي بهم إلى الإصابة بالأمراض التنفسية والجلدية.
ويرى المواطن فتحي القرا أن تربية جيرانه للدواجن والطيور علي سطح منزلهم يسبب له الإزعاج, فضلاُ عن المخاطر الصحية التي قد تصيبهم مستقبلاً.
ويتحدث القرا عن معاناته مع مزرعة جيرانه فوق سطح منزلهم والتي تحتوي علي الدجاج والحمام, قائلاً:" إن رائحة الفضلات التي تنتج عن هذه الطيور تنتشر في المنطقة وتجعلها ذات رائحة كريهة للغاية".
وأضاف: “إن والدي الذي يسكن معي في نفس الشقة يعاني من مرض الربو، ويؤثر عليه الرائحة الكريهة المنبعثة من مزرعة الدواجن الخاصة بجارنا بشكل كبير، فضلاً عن انتشار الحشرات بشكل كبير في فترة الليل.
بدوره أكد المهندس طاهر أبو حمد مدير دائرة الانتاج الحيواني بوزارة الزراعة, أن العوامل الرئيسية والأساسية لانتشار تربية الدواجن في قطاع غزة هو نسبة البطالة العالية داخل البلد, إلي جانب التسهيلات التي يقدمها التجار من صوص وعلف بالتقسيط ثم يسترد المبلغ في نهاية المشروع مما شجع الكثير من الشباب للدخول في هذه المشاريع.
وتابع أبو حمد:" كثير من الجمعيات والمؤسسات الغير حكومية تقوم بتقديم مشاريع تلقى قبول من المواطنين, حيث تقوم بتقديم الصوص والطاقة الشمسية والأقفاص والأعلاف.
وأشار أبو حمد أن قطاع غزة يحتوي علي 2500 مزرعة, منها 1500 مزرعة دجاج لاحم, إلي جانب 1000 مزرعة عشوائية منتشرة فوق أسطح المنازل والبنايات.
وأضاف:" نحافظ علي سعر الدجاج من خلال منع استيراد المجمدات واللحم الأبيض من داخل الخط الأخضر, ونحن نجتهد الآن لوضع استراتيجية عمل جديدة خلال عام 2016 لتنظيم قطاع الدواجن والعمل علي ضبط الأسعار".
وقال:" نحن في وزارة الزراعة نتابع جميع محطات الانتاج من حين دخولها من المعبر, من خلال مراقبة البيض بحيث يجب أن يكون حسب المواصفات والحجم المطلوب الذي يقدر ب52 غرام, مروراً بأخذ عينات من المختبر, ومتابعة الفقاسات, وإعطاء التحصينات المناسبة للصوص قبل بيعه".
وأوضح أبو حمد أن الوزارة تقوم بمتابعة ميدانية للمزارع, وتعمل علي تزويد المزارعين بالإرشادات اللازمة لعملية الزراعة, كما يتم تنزيل نشرات مستمرة في موقع الوزارة.
وأكد علي وجود تنسيق مع هيئة البترول من خلال توفير غاز التدفئة المطلوبة, وبالتالي تحتاج لتوفير كميات لازمة لتوزيع غاز التدفئة علي المزارعين.
ونوه أبو حمد أنه وزراته وضعت برامج لحصر وتعويض أكثر من 600 مزرعة تضررت خلال الحرب الأخيرة علي قطاع غزة, لافتاً إلي أنهم يقومون بالتنسيق مع الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية من أجل تقديم الأولوية لأصحاب المزارع المتضررة.
وتبلغ مدة تربية الدجاج من 35 - 42 يوم من لحظه استلام الصوص عمر يوم وحتي انتاج دجاج متوسط وزنه يبلغ من 1.800 كجم - 2.000 كلجم, حسب نوع السلالة ونوعية العلف.