هدد مقاولو ومستوردو مواد البناء في قطاع غزة بتعليق عملهم حتى إشعار أخر مطلع الشهر المقبل، ما لم يتم التراجع عن التقارير الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS) التي أدت إلى وقف إسرائيل توريد الاسمنت الخاص بإعادة الإعمار لعشرات المصانع والمعامل.
وتشهد مسيرة إعمار قطاع غزة بموجب خطة الأمم المتحدة التي وضعها منسق المنظمة الدولية السابق روبرت سيري تعثرا منذ مطلع ديسمبر الماضي على أثر الإجراءات الإسرائيلية بحق أصحاب مصانع ومعامل لإنتاج الباطون الجاهز والبلوك استنادا لتقارير صادرة من (UNOPS) .
إغلاقات بالجملة
وكانة ادارة برنامج مراقبة مواد الاعمار الدولية (UNOPS) قررت اغلاق ما يزيد عن 59 مصنع بلوك و14 مصنع للباطون الجاهز و73 شركة مقاولات و23 شركة توزيع تم وقف عملها بمنع توريد الاسمنت لها من السلطات الإسرائيلية.
وتم إبلاغ أصحاب تلك المصانع والشركات بقرارات وقف عملها من إدارة مكتب (UNOPS) ابتداء من مطلع ديسمبر بشكل متوال من دون أن تسنح لهم فرصة تقديم أي تفسير أو استئناف على ذلك.
المقاولون يطالبون بمعرفة المعايير
وقال (ع.ج) أحد المتضررين وهو موزع للأسمنت وصاحب مصنع لإنتاج البلوك إنه تم تعليق طلبه بالحصول على الاسمنت ضمن برنامج الـ(GRM) الذي تشرف عليه وزارتا الاقتصاد الوطني والاشغال العامة وتتابعه الأمم المتحدة بحجة أن لديه نظامين لتوريد الاسمنت أحدهما للمصنع والأخر للتوزيع.
واشتكى الرجل الذي رفض ذكر اسمه خشية تعرضه لمزيد من الإجراءات، من أنه كان حصل على موافقة شفهية من مفتشي مكتب الأمم المتحدة بالتعامل مع المشاريع القطرية على أن يفصل بين الأسمنت الخاص بها، وذلك الخاص بمشاريع إعادة الإعمار.
لكنه يشير إلى أنه تفاجأ بمفتشي مكتب الأمم المتحدة يبلغوه خلال إحدى الزيارات الدولية لمصنعه الخاص بالبلوك باعتراضهم على تواجد كميات أسمنت خاصة بالمشاريع القطرية ومن ثم وقف عمله بعد ذلك بيومين.
واشتكى مقاولون آخرون من عدم وجود سياسة واضحة لدى مفتشي (UNOPS) واتخاذها إجراءات دون مسائلة أو استفسار منهم إلى جانب عدم مراعاتهم ظروف قطاع غزة بما في ذلك أزمة انقطاع الكهرباء عند تدقيق كاميرات المراقبة الموجودة في المصانع والمعامل.
وذكروا أن مفتشي المؤسسة الدولية يتعمدون التحكم في مصيرهم وسط تضارب المتطلبات والشروط أثناء الزيارات الميدانية لفرق المؤسسة ذاتها نتيجة لاختلاف الأشخاص في كل زيارة وعدم وجود قسم بالمؤسسة لاستقبال الجمهور للمراجعة ومناقشة مشاكلهم وخاصة أصحاب المصانع الإنشائية.
وبناء عليه، يؤكد رئيس جمعية رجال الأعمال رئيس الاتحاد العام للصناعات في غزة، علي الحايك، أنهم "بصدد إعلان تعليق العمل بكافة أنشطة الصناعات الإنشائية ابتداء من الشهر المقبل وأن يتم رفض استقبال فرق المراقبة التابعة لمؤسسة (UNOPS)".
وقال الحايك إن "وقف مصانع وشركات الباطون قرارا تعسفيا وردنا عليه في القريب العاجل بخطوات تصعيدية لأن هذه القرارات لا مبرر لها وتؤدي إلى تعطيل إعادة إعمار قطاع غزة وبدل أن ينتهي الإعمار في خمس أعوام سينتهي خلال 15 عاما".
واعتبر الحايك أن مؤسسة (UNOPS) "بمثابة احتلال جديد للشعب الفلسطيني وهي فقط تشدد حصار غزة ومؤسساتها من دون أن تنجح في أن تراقب أو تعرف أين يتم استهلاك الأسمنت بل هي فقط تعطل إعمار غزة".
من جهته، أعتبر نقيب المقاولين في قطاع غزة نبيل أبو معيلق، أن إجراءات مفتشي مؤسسة (UNOPS) أثبتت سوء خطة سيري للإعمار التي كانت جوبهت برفض فلسطيني شديد "كونها معطلة للإعمار ولها تأثيرات سلبية على القطاع الخاص الفلسطيني".
ويقول أبو معيلق "من العيب أن تكون الأمم المتحدة مظلة لإدارة الحصار والمراقبة على الشعب الفلسطيني وعلى المواد الخام ولإعمار غزة وللتنمية في غزة بديلا عن الاحتلال الإسرائيلي".
ويضيف "لا يوجد وضوح في معايير عمل مفتشي الأمم المتحدة وهم لا يتواصلون معنا في قضايا الإعمار ويكتفون بفرض مراقبة بوليسية وليس رقابة فنية أو إدارية وهو ما يثبت أن خطة سيري تخدم أهداف الاحتلال وليس دفع الإعمار في غزة".
ويطالب أبو معيلق بفتح المجال أمام أصحاب مصانع الباطون لبيع منتجاتهم للمستهلك بشكل مباشر ضمن آلية (GRM) ورفع سقف الكميات للمصانع الإنشائية وعدم توقيف أعمال من يمتلك أكثر من مصدر للحصول على الاسمنت وعدم اعتبار أي كميات من الأسمنت موجودة خارج نطاق المخزن هي سوق سوداء وعلى أثرها يتم إغلاق المصنع كما يحدث حاليا.
الاقتصاد: أسباب الاغلاق غير مبررة
وفي السياق ذاته، اعتبرت وزارة الاقتصاد في غزة أن تعليق مؤسسة (UNOPS) دخول الاسمنت لعشرات المصانع الإنشائية جاء ليثبت مجدداً فشل آلية توريد مواد البناء والرقابة المعمول بها على هذه الالية.
وقال المتحدث باسم الوزارة طارق لبد، إنهم "يستنكرون كل ماله علاقة بوقف ضخ مواد البناء إلى مصانع الباطون والبلوك في غزة لأنه يعيق الإعمار ويزيد أزمة المواطنين في ظل العجز الحاصل لديهم في الشقق السكنية".
وأضاف لبد أن إجراءات مؤسسة (UNOPS) "تتم بأسباب واهية ومفتعلة بهدف وحيد هو فرض قيود على سكان قطاع غزة وحرمانهم من توريد مواد البناء في ظل ما يتم فرضه على المصانع والمعامل من شروط تعجيزية تؤدي لتأزيم الحالة الاقتصادية وتعطيل الإعمار".