اليوم الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤م

ماذا يخسر اقتصاد العالم من عزل روسيا عن النظام المالي؟

٠٢‏/٠٣‏/٢٠٢٢, ٦:٤٣:٠٠ ص
الاقتصادية

الاقتصادية _ وكالات 

"روسيا ليست قوة عظمى... على الأقل ليس عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد العالمي"، هذا ما كشف عنه تقرير حديث، مشيراً إلى أن ناتجها المحلي الإجمالي يضعها في المرتبة الـ12 من بين أكبر الاقتصادات في العالم وفقاً لصندوق النقد الدولي، وهي أصغر بنحو 25 في المئة من إيطاليا، وأقل من كندا بنحو 20 في المئة، وهما دولتان بهما نسبة ضئيلة من سكانها.

 

وفي ضوء هذه البيانات، لماذا يتردد الغرب في ضربها بمجموعة كاملة من العقوبات الاقتصادية المتاحة كما حدث مع الدول المارقة الأخرى؟ الجواب بسيط: النفط والغاز الطبيعي.

 

البيانات تشير إلى أن روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم وواحد من أكبر مصدري النفط، ويرى بعض المحللين، أن قطع هذه الصادرات يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار تلك السلع بنسبة تصل إلى 50 في المئة، بحسب بعض التقديرات، وهو أكثر بكثير من الارتفاعات المتواضعة المكونة من رقم واحد في الأسعار التي شهدتها الأسبوع الماضي.

 

الأزمة تتعلق بصادرات الطاقة

 

يرى جوش ليبسكي، مدير مركز "جيو إيكونوميكس"، وهو مؤسسة بحثية دولية، أن "هذه ليست كوريا الشمالية، إنها ليست فنزويلا، إنها ليست إيران، بسبب صادرات الطاقة، روسيا مهمة بشكل منهجي ومهمة بشكل خاص لسوق الطاقة العالمية".

 

وتضمنت العقوبات الغربية التي أعلن عنها هذا الأسبوع على روسيا، عقوبات مقترحة على صناعة الطاقة لديها. ويجادل ليبسكي، بأنه إذا قام الغرب بحظر صادرات الطاقة الروسية، فسيؤدي ذلك إلى رفع أسعار الطاقة بطريقة تفيد الاقتصاد الروسي بدلاً من الإضرار به. وقال إن روسيا ستعثر على مشترين آخرين لطاقتها، كما هي الحال في الصين، وسيكون لديها مزيد من السيولة، وليس أقل. وأضاف، "نعم، سيكون فرض حظر على صادرات الطاقة بمثابة إجراء متطرف... ولكن هل سيكون لها التأثير المطلوب بالفعل؟".

 

ويرى جاري كلايد هوفاور، الزميل الأول في معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي، المدافع عن تدابير أكثر صرامة ضد صادرات الطاقة الروسية، أن الدول الأوروبية في الوقت الحالي، والتي تعتمد بشكل أكبر على النفط والغاز الطبيعي الروسي، ليست على استعداد لاتخاذ هذه الخطوة. وأضاف، "كان على أوروبا أن تلجأ إلى تحديد الأسعار والتقنين، سيكون ذلك غير مرغوب فيه للغاية، لم يكونوا مستعدين لدفع الثمن".

 

مجرد محطة وقود كبيرة

 

أيضاً، تمتلك روسيا إمدادات ضخمة من الموارد الطبيعية الأخرى، بما في ذلك الخشب وعديد من المعادن، وتشير البيانات إلى أنها ثاني أكبر منتج للتيتانيوم، وهي مادة مهمة وحاسمة في إنتاج الطائرات، وأوكرانيا هي خامس أكبر منتج للمعدن، وقد اعترف الرئيس التنفيذي لشركة "بوينغ"، ديف كالهون، بأن شركة "بوينغ" قد تكون في مأزق إذا انقطعت الإمدادات. وأضاف خلال إعلان نتائج أعمال الشركة، الشهر الماضي، "طالما بقي الوضع الجيوسياسي هادئاً، فلا مشكلة، إذا لم يحدث ذلك، فنحن محميون لفترة طويلة، ولكن ليس إلى الأبد".

 

في الوقت نفسه، فإن روسيا ليست سوقاً ضخمة لصادرات الدول الغربية. فقد قامت الولايات المتحدة الأميركية بتصدير ما قيمته 6.4 مليار دولار فقط من البضائع إلى روسيا خلال العام الماضي، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الأميركية، والتي قد تبدو كثيرة، ولكنها في الواقع أقل من خمسة الصادرات تذهب إلى بلجيكا الصغيرة (بالمقارنة، فقد بلغت قيمة الصادرات الأميركية إلى الصين خلال العام الماضي نحو 151 مليار دولار، ما يعني أن الصادرات الأميركية إلى روسيا توازي نحو 4.2 في المئة من إجمالي الصادرات الأميركية إلى الصين).

 

التكنولوجيا العسكرية والذكاء الاصطناعي

 

في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز"، قال جيسون فورمان، الذي ترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة باراك أوباما، إن "روسيا غير مهمة بشكل لا يصدق في الاقتصاد العالمي باستثناء النفط والغاز، إنها في الأساس محطة وقود كبيرة". وأضاف، "الأمة التي كانت أول من وضع قمراً صناعياً ورجلاً في الفضاء الخارجي تراجعت كثيراً عن بقية العالم في مجال التكنولوجيا".

 

في المقابل، أشار فورمان إلى أن روسيا تظل رائدة في مجال التكنولوجيا العسكرية والذكاء الاصطناعي، ناهيك عن العملات المشفرة، لكنها تعتمد على الواردات بالنسبة لمعظم الأشكال الأخرى للتكنولوجيا، بدلاً من الإنتاج الداخلي. وأشار إلى أن العقوبات المفروضة على صادرات التكنولوجيا لروسيا ستضر باقتصادها، لكن يبقى السؤال الأهم: هو إلى متى ستستمر العقوبات ضد دولة منبوذة؟

 

ويعتقد المحللون أنه كلما طال تطبيق العقوبات، زاد الضرر الذي يلحق بالاقتصاد الروسي. وقال ليبسكي، "يمكن أن تستغرق العقوبات وقتاً طويلاً حتى تحقق أهدافها على الاقتصاد الروسي".