الاقتصادية _ فلسطين
بقلم: عبد السلام ارحيم
أوكرانيا وروسيا تستعدان لعقد جولة ثالثة من المفاوضات، جولةً تأتي بعد أيام على اندلاع الحرب بينهما والغزو الروسي الذي تخلله قصفٌ عنيف أفضى لتدميرٍ وتهجيرٍ لملايين الأوكران وسقوط ضحايا من الطرفين كان أكثرهم في الجانب الأوكراني
ومنذ اندلاع اليوم الأول للحرب خاض الطرفان مفاوضات ثنائية في منطقة الحدود البيلاروسية، واتفق الجانبان على وقف لإطلاق النار لمنطقتي ماريوبول وفولنوفاخا لإجلاء المدنيين عبر ممرات إنسانية وبعيداً عن جدوى هذه المفاوضات من عدمها ونتائجها على الأرض حالياً، إلا أن المشهد الذي أمامنا يعيد لنا مشهداً ومصطلحات اعتدنا على سماعه ورأينا حوله ما رأينا من آراءٍ متباينة ألا وهو "المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية"
رغم أن أوكرانيا تمتلك جيشاً منظماً ومنظومة عسكرية ليست بالبسيطة إلا أن خيار المفاوضات كان أول أولوياتها وذلك على عكس الوضع القائم في فلسطين التي تنحصر قدرتها العسكرية بسلاح الفصائل وبعض المعدات العسكرية المحلية الصنع
اختارت أوكرانيا إذاً التفاوض تحت النار ولم يعتبر أيٌ من مواطنيها أو معارضي زيلنيسكي ذلك خيانةً للوطن أو رضوخاً للغزو الروسي، لم يتم تصنيف هذه المفاوضات ووسمها بمصطلحات اعتدنا على سماعها من البعض لوصف المفاوضين الفلسطينيين بدايةً من الراحل صائب عريقات وصولاً إلى عضو اللجنة التنفيذية حسين الشيخ بكونهم "انهزاميون ومُنسقون"
مشهد المفاوضات الأوكرانية الروسية الذي بدأ عرضه مبكراً أجبرني على الربط بين الملفين وأعاد إلى ذهني ما سردته أعلاه، حين رأيت المفاوض الأوكراني يصافح نظيره الروسي وأحياناً يتبادلون الابتسامات.
تخيلت لو كان هذا المفاوض فلسطينياً ما الذي كان سيحدث؟
وكيف سيصفه المعارضون؟
قطعًا ستنهال عليه الشتائم والانتقادات وسيطلُ أحدهم حاملاً دماء الشهداء على يافطته معلناً خيانتها.
ولكي لا يتم تأويل حروفي واتهامي بالرضوخ والتنسيق والاستسلام للاحتلال فأنا هنا لا أوجه دعوةً للمفاوضات كحلٍ وحيدٍ وواجب ولا أدعو للتخلي عن خيار المقاومة ونزع السلاح ولا أطلب من المفاوضين احتضان نظرائهم والحنو عليهم، إنما أريد أن أشير إلى المفاوضات كمصطلح ومسلك دبلوماسي تخوضه الدول توازياً مع كافة خياراتها، وإن كان العالم يكيلُ بمكيالين في تناوله للغزو الروسي لأوكراينا، فلا تكيلوا بذاتِ المِكيال في مشهدِ المفاوضات.