الاقتصادية _ فلسطين
تداعيات رفع سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفدرالي الأميركي
بقلم المحلل الاقتصادي والمالي
الدكتور/ماجد أبودية
في خطوة ذكية لجأ مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي الى رفع سعر الفائدة على الدولار بمقدار 25 نقطة أساس (0.25%) لأول مرة منذ نهاية عام 2018، ضمن خطة تتضمن زيادات إضافية يتوقع أن تصل إلى نطاق بين ( 1.75% - 2% ) بحلول نهاية العام الحالي، بهدف تخفيف تضخم الأسعار في الولايات المتحدة، الذي وصل إلى مستوى 7.9% الشهر الماضي وهو أعلى مستوى له منذ 4 عقود.
ومن المعلوم أن سعر الفائدة هو أحد أدوات السياسة النقدية التي يستخدمها البنك المركزي عادة للتحكم في المعروض النقدي في الأسواق، للتأثير على النشاط الاقتصادي.
فمن خلال رفع أسعار الفائدة سيصبح الاقتراض أكثر تكلفة على الأسر والشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم، فيتراجع المعروض النقدي، وهذا عادة ما يؤدي إلى صعود الدولار أمام العملات الرئيسية الاخرى، وبذلك تتأثر التجارة الخارجية(الصادرات والواردات)، حيث يساعد الدولار القوي في جعل الواردات الأجنبية إلى أمريكا رخيصة، وبذلك يتعين على الشركات الأمريكية التي تنتج السلع محليًا الحفاظ على أسعارها منخفضة للتنافس مع الواردات الأجنبية الرخيصة، مما يؤدي إلى تهدئة الطلب على السلع والخدمات، ويساعد على تخفيف تضخم الأسعار فيها، وتحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الانتاج وزيادة الصادرات (بعوائد دولارية أقوى)، وهذا ما يسعى له المجلس الفيدرالي، وهو تجنب الهبوط الحاد للنمو الاقتصادي ، والحفاظ على مستوى 2.8%، وان كان دون مستوى التوقعات مقارنة بالفترات السابقة، كذلك تخفيض مستوى التضخم الى 4.1% هذا العام، والحفاظ على معدل البطالة عند مستوى 3.5%، أو زيادة طفيفة.
اذن جاء هذا القرار من الفيدرالي كاستجابة سريعة لتداعيات الحرب في أوكرانيا، حيث يواجهه الاقتصاد الأمريكي السيناريو الأسوء، وهو مزيد من الضغوط التي تؤدي الى زيادة التضخم وتباطؤ النمو وارتفاع البطالة
وكان أحد اهم هذه الضغوط هو الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز، بعد أن تبنت قرارا بشأن منع استيراد النفط الروسي، مما أدى إلى تجاوز سعر برميل النفط في بعض الصفقات حاجز 132 دولارا، وهو ما رفع من سقف التوقعات بأن تشهد الأسعار مزيد من الارتفاع، خاصة ان الادارة الامريكية فشلت في التاثير على السعودية والامارات لاقناع اوبك بزيادة انتاجها، وتعويض الفاقد من النفط الروسي.
عالميا
رفع نسبة الفائدة الأميركية سيجعل سندات الخزانة الأميركية أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي في السوق العالمية، لأن عوائدها أكبر
في حين من المتوقع أن تشهد أسواق الأسهم تراجع وهبوط متناسب، نتيجة لتراجع أرباح الشركات والقيمة العادلة لاسعار الاسهم في الأسوق
عربيا
بادرت أربع دول عربية من بينها السعودية والامارات لرفع اسعار الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية لان عملاتها مرتبطة بالدولار الأمريكي، ومن المتوقع ان تحذو معظم دول مجلس التعاون الخليجي هذا الحذو، لكن ايراداتها النفطية ستتراجع مع تراجع الأسعار.
إسرائيليا
حجم العجز في الميزان التجاري لإسرائيل قفز الى مستوى 54%، حيث بلغ حجم الواردات في نهاية شهر فبراير الماضي حوالي 8.36 مليار دولار، والصادرات حوالي 4.47 مليار دولار، وهذا يعني ان الاسواق في اسرائيل وفلسطين ستشهد مزيد من الطلب على الدولار بسبب ارتفاع قيمة الواردات مقومة بالدولار، الذي سيقوى امام عملة الشيكل، وبالتالي سيرتفع سعر صرف الدولار أمام الشيكل.