اليوم الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤م

أهمية قياس الصحة العقلية لدى السكان المُعرَّضين للصدمات: الضفة الغربية وقطاع غزة

٢٨‏/٠٣‏/٢٠٢٢, ٨:٠٦:٠٠ ص
الاقتصادية

الاقتصادية _ فلسطين 

بقلم :عليا أغاجنيان وأَردِن فين

مراهق فلسطيني سيبلغ من العمر 14 عاماً هذه السنة عاش فترة من تاريخ غزة شهدت إزهاق مئات الأرواح ‏وفقدان سبل كسب الرزق، كما شهدت دماراً مادياً للأحياء السكنية والبنية التحتية.

 

هذا الفتى ذو الأربعة ‏عشر ربيعاً، وقد شهد أربعة حروبٍ كانت آخرها في مايو/أيار 2021، تعرَّض لمستوى مرتفع من العنف ‏من المرجَّح أن يُخلِّف آثاراً مؤذية لنفسيته وستبقى معه وقتاً طويلاً.

 

إن أعباء تدهور الصحة العقلية كبيرة ‏على مثل هؤلاء السكان المُعرَّضين للصدمات، ناهيك عن الآثار والتداعيات التي تصيب بقية الاقتصاد ‏والمجتمع بالشلل، حيث أن تدهور الصحة العقلية يضر بالإنتاجية ويعوق اتخاذ القرارات ويُوهِن الصلات ‏والعلاقات الاجتماعية.

 

واستناداً إلى بيانات مأخوذة من مناطق ريفية في كينيا، أُجريت دراسة في الآونة ‏الأخيرة أظهرت أدلةً وشواهد على وجود ما يُسمَّى بشَرَك الفقر النفسي الذي يطول أمده بفعل الإجهاد ‏والإحباط وخيبة الأمل.‏


بعد الصراع الذي نشب في مايو/أيار 2021، أجرى فريق من البنك الدولي مسحاً استقصائياً على موقع ‏فيسبوك لتقييم الاحتياجات الفورية للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة. وباستخدام ‏أساليب مبتكرة، استطاع الفريق تقليص مخاطر التحيز، إذ اعتمد على إعلاناتٍ مُوجَّهة وأوزانٍ للعينات ‏لمعايرة البيانات مقابل خصائص سكانية معروفة.‏


وفي غضون ثلاثة أسابيع من بدء المسح، أجاب أكثر من 3000 من مستخدمي موقع فيسبوك.

 

وكان أحد ‏أبرز الاستنتاجات يتعلَّق بالاضطرابات النفسية اللاحقة للإصابة بالصدمة. وذكر 70% من سكان غزة ‏و57% من سكان الضفة الغربية الذين شاركوا في المسح إصابتهم بأعراض تكشف عن اضطرابات ما بعد ‏الصدمة، مع ارتفاع النسبة لدى النساء ومن نزحوا عن ديارهم.

 

وكان كثيرُ من التعليقات التي كتبها ‏المجيبون على صفحة هذا المسح على موقع فيسبوك يتعلق بالصدمة التي تعرَّض لها الأطفال ‏الفلسطينيون، إذ لم يكن كثيرٌ منهم يستطيع النوم بشكل جيد ليلاً.‏



لقد أبرز المسح على موقع فيسبوك الاحتياجات قصيرة الأجل التي أفرزها الصراع في مايو/أيار 2021، ‏لكن يلزم إجراء مزيد من البحوث لفهم مدى وشدة الصدمة التي أحدثها الصراع، وتداعياته طويلة الأجل ‏وغير المباشرة على سبل كسب الرزق ورأس المال البشري.‏


ولتوسيع نطاق هذه البحوث، يقوم البنك الدولي بمساندة “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني” في تنفيذ ‏أول مسحِ له مُمثِّلٍ للأوضاع على المستوى الوطني للصحة العقلية. ويسير هذا الأمر على نهج الاتجاهات ‏الدولية السائدة، حيث بدأ إدراج الصحة العقلية في الإحصاءات الرسمية (انظر على سبيل المثال مكتب ‏الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة، وهيئة الإحصاءات الهولندية).‏


وبتمويل من “الصندوق الاستئماني لبناء قدرات الدول وبناء السلام”، وفي شراكةٍ مع “المركز الدولي للأمن ‏والتنمية”، ومع “مركز أوبرليبين”، يقوم “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني” بإعداد مسح استقصائي لرصد ‏بعضٍ من أهم جوانب الصحة العقلية.

 

ويتضمَّن هذا المسح نماذجَ لرصد العلامات على الاتجاهات ‏العدوانية، وأعراض الاكتئاب باستخدام مؤشر الرفاهة لمنظمة الصحة العالمية، وأعراض الاضطرابات ‏النفسية اللاحقة للصدمة، والاضطرابات النفسية المعقدة اللاحقة للصدمة باستخدام الاستبيان الدولي ‏للصدمات.‏


ومن شأن هذا المسح أن يمنح فرصةً للسكان الذين تعرَّضوا لصدمات شديدة، إذ يتيح لهم منصة للتعبير ‏عما أصاب صحتهم العقلية من أضرار.

 

وستساعد نتائج المسح في تصميم برامج تهدف إلى معالجة الآثار ‏طويلة الأجل للصراع، وتقديم توصيات لمعالجة مشكلات الصحة العقلية للفلسطينيين، علاوة على بدء ‏حوارٍ بشأن موضوع يشوبه قدرٌ كبيرُ من الوصم بالعار. ‏