الاقتصادية _ فلسطين
مريم الشوبكي:
يحل رمضان هذا العام وجيوب الفلسطينيين أنهكها الغلاء الذي لحق بأسعار الدواجن، والخضراوات، والسلع الغذائية الأساسية أيضًا، وكثير منهم لم يستطع توفير مؤونة الشهر الفضيل كما هي عادة الشعوب المسلمة قبل حلول الشهر الفضيل، وخففوا كثيرا منها على موائدهم اليومية.
بحثت الأسر الغزية عن بدائل للتكيف مع حالة الغلاء العالمية، التي لا تناسب القدرة الشرائية الضعيفة التي تعانيها بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، واضطرارهم إلى التخلي عن صناعة بعض الأطباق الحلوة والمالحة.
طبقا الملوخية والفتة الغزاوية غابا عن مائدة إفطار أفنان الهسي في أول يوم رمضاني، إذ اعتادت أن تعدهما على الدجاج منذ أكثر من عشر سنوات، ولكن بسبب ارتفاع سعره، اضطرت إلى إعداد أكلة داود باشا التي تعتمد على مكعبات البطاطس، وصلصلة البندورة، وكرات صغيرة من اللحم المفروم.
تقول الهسي من بلدة جباليا شمال قطاع غزة: "الغلاء طال كل شيء، والأمر أصبح لا يطاق، ففي اليوم الأول لرمضان وصل ثمن كيلو الدجاج إلى 21 شيقلًا، وأحتاج إلى دجاجتين على الأقل لكي تكفي لعدد أفراد أسرتي السبعة".
وتتابع: "حتى الخضار أسعارها غالية، فطبق السلطة الذي كان وجوده إلزاميا يوميا على الإفطار لم أعد أصنعه إلا كل عند حاجة الأكلة لسلطة حينما أقلل من كمية البندورة والخيار لارتفاع سعرهما، وأكثر من الورقيات".
وتعتمد الهسي على كفتة اللحم في إعداد أطباقها اليومية، لأنها تتناسب مع كثير منها، حيث تتمكن من صناعة أكثر من طبق في ذات الوقت تحشو بها رقائق السمبوسك، وأقراص الكبة، والمعكرونة بالباشيمل، وصينية البطاطس كذلك.
وتلفت إلى أنها أصبحت تعد الأكل بكمية قليلة بما يتناسب مع قدرتها المادية اليومية، ولم تتمكن حتى اللحظة من شراء القطائف لحاجتهما إلى زيت نباتي، وسكر بكميات كبيرة، وقد ارتفع سعرهما مؤخرًا.
اللحم المجمد محمد زُغرة الذي يعمل موظفًا حكوميًا ويتقاضى 60% من راتبه، لم يتمكن هذا العام وتلبية احتياجات بيته من السلع الأساسية، واتجه نحو توفير مكونات الأكلة يوم بيوم بحسب ما يتوفر لديه من مال.
يبين زُغرة " أنه يكتفي باللحم المجمد بديلا عن الطازج، وفي بعض الأحيان الحبش لأنه أقل سعرًا من الدجاج، ويبتاع العظام من اللحام لكي تصنع زوجته من مرقتها شوربة البرغل، أو بعض الأكلات التي تحتاج إلى كمية كبيرة من المرق تكفي لعدد أفراد عائلته الستة.
لم يتمكن هذا العام من شراء القطائف رغم إلحاح أطفاله المستمر عليه، لذا طلب من زوجته صنعها في البيت لتقليل المصاريف، ويلفت إلى أنهم يفضلون حشوها بالجنبة الذي لم يتمكن من شرائها، لذا قامت زوجته بصناعتها من حليب البودرة في البيت، وصناعة القشطة كذلك، وبذلك أدخل السرور على قلوبهم بتكاليف أقل.
ويلفت زغُرة إلى أنه اتجه لشراء السمك المجمد لرخص ثمنه عن الدجاج المبرد الذي ارتفع سعره أيضًا، رغم أنه ليس المفضل بالنسبة لديه.
حلويات بديلة أكلة المندي المفضلة لدى عائلة علا أبو سيدو مؤجلة حتى إشعار آخر، بعد الارتفاع الفاحش الذي طالها، وكذلك البسبوسة بالقشطة التي تبرع في صنعها في رمضان مؤجلة أيضًا.
تقول أبو سيدو من حي التفاح شرقي مدينة غزة: "اتجهت لاستخدام اللحمة في أكلاتي بدلًا من الدجاج الذي قاطعته، واتجهت إلى صنع الأكلات التي لا تحتاج إلى لحوم كالمجدرة، والعدس، والخضراوات اتجهت لشراء الجزر المستورد لرخص ثمنه مقابل المحلي وصار جزءا رئيسا من طبق السلطة اليومي مع البقدونس، والجرادة، والجرجير، والفجل".
وتضيف أبو سيدو : "وطبق الشوربة بدلا من صنعه من اللحم أو قطع الدجاج، أعده بالماء وأضيف بودرة الماجي، وأنكهها بالأعشاب العطرية لتمنحها مذاقًا طيبًا، مع إضافة لسان عصفور، أو برغل، وأزيد الكمية لكي تشعرنا بالشبع".
وتخفيفًا من الأعباء المادية، لا تعد أبو سيدو أطباقا رئيسة يومية، فبعض الأحيان تعتمد على المقالي كالبطاطس، بجانب الفلافل الذي صنعته في البيت، أو طبق من فت الملاحة (الفتوش الغزي) بإضافة الخبز المبلل بالماء، والطحينة، وزيت الزيتون، بجانبه طبق من المخللات، وعصير الفراولة الذي تعده بنفسها.
وابتكرت أبو سيدو في الحلويات التي استعاضت بها عن القطائف، فالتمر الذي يتواجد على مائدة الإفطار، حشوته بالجوز، وغطيته بالشوكولاتة المذابة، وليالي لبنان التي تحتاج لكمية قليلة من السكر، أو القطر.