رائحة جذّابة تنبعث من "أرض فرينة" الواقعة ببلدة بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة، البالغ مساحتها نحو 70 دونماً والمزروعة بنبتة الزعتر العطرية (الدونم يعادل ألف متر مربع).
يعمل في الأرض التي تعتبر الأضخم في غزة (من حيث المساحة المخصصة للنباتات العطرية)، المزارع إبراهيم فرينة وعدداً من أبنائه رغم دراستهم الجامعية والتحاقهم بأعمال خارجية أخرى.
بدأ فرينة وأولاده مشروع "زراعة الزعتر" على مساحة دونم واحد قبل 5 سنوات، وما إن نجحت التجربة حتى توسعوا إلى مساحة 16 دونماً، وبعد جهود امتدت أرضهم التي باتت تعرف اليوم باسم "أرض الزعتر" على مساحة 70 دونماً، في محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
قال حسن أحد أبناء المزارع والذي يعمل في مجال الهندسة الزراعية إلى جانب متابعته لمحصول الأرض: "اعتمدنا في توسيع زراعة الزعتر على معايير وإرشادات عالمية لذلك تمكنا من تحقيق النجاح المرجو".
وتعتبر نبتة الزعتر، رائجة محلياً بين المواطنين الفلسطينيين، كونها تدخل في صناعة كثير من الأطعمة وبعض العلاجات الطبية ومستحضرات التجميل.
تفاصيل الإنتاج
أضاف فرينة في مقابلة مع الأناضول "إن كل دونم أرض ينتج حوالي 200 كليو غرام من الزعتر المجفف الجاهز للاستخدام في الموسم الواحد"، موضحاً أن الكيلو الواحد يبلغ سعره نحو 8 دولارات داخل القطاع.
وذكر أن جهودهم "تنصب حالياً لتلبية حاجة السوق الغزي من الزعتر من خلال توسيع المساحة المزروعة من النبتة العطرية والمستخدمة في كثير من الأكلات وتستعمل أيضاً كعلاج طبيعي لعديد من الأمراض التنفسية والهضمية".
ويرتبط الزعتر بشكل كبير "بالتراث الفلسطيني وغالباً تشتهر به المناطق الجبلية في الضفة".
وتابع أن "إيجاده اليوم على مثل هذه المساحة في غزة تأكيد على أن النبتة التي حاولت إسرائيل كثيراً سرقتها ونسبتها إليها هي فلسطينية وطنية أصيلة".
وبين فرينة أن "الأرض تستوعب حوالي 30 عاملاً يومياً، لكنهم أحياناً يضطرون للاستغناء عن بعضهم، بسبب ضعف التسويق".
ويستهلك الزعتر من قبل أهالي قطاع غزة، إما كنبات أخضر أو أوراق مجففة، كما يطحن مع أنواع بهارات أخرى ليصير جاهزاً للتناول على وجبات الفطور ولصناعة "المناقيش".
تحديات وآمال
قال فرينة إن "أكبر التحديات التي تواجه مشروعهم القائم هو المنتج المستورد من الزعتر الذي يأتي بمبالغ زهيدة أقل من تكلفة الإنتاج المحلي وينافس في أسواق قطاع غزة بشكل كبير".
وتابع "نأمل أن تدعمنا المؤسسات الحكومية والأهلية عبر تقليل كمية الاستيراد حتى نتمكن من تحقيق هامش ربح أفضل يساعدنا على تطوير المشروع وبالتالي تشغيل مزيد من الأيدي العاملة والتفكير بالتصدير مسقبلاً".
وأوضح أنهم "خلال السنوات الماضية حصلوا على دعم من مؤسسات أهلية تهتم بالزراعة ما مكنهم من تطوير المشروع ليصير اليوم من أضخم المشاريع الزراعية على مستوى قطاع غزة التي تهتم بإنتاج النباتات العطرية".
وتحدث عن تحدٍ آخر "يتثمل بملوحة المياه وعدم توافر بعض أنوع الأسمدة الزراعية والمعدات الزراعية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 16 عاماً".
وأشار المزارع الفلسطيني إلى أن "جودة الزعتر في قطاع غزة ممتازة جداً ولديها قدرة على المنافسة بالأسواق العالمية، وذلك كونهم يعتمدون على الأشتال القادمة من مدن الضفة الغربية الجبلية والمعروفة بجودتها الفائقة".
ويمتاز الزعتر، بتحمله الكبير للظروف الطبيعية والجوية الصعبة، ما يجعل فرصة نجاحه وانتشار زراعته في قطاع غزة متوفرة بشكل كبير، بحسب وزارة الزراعة.
ووفقاً للوزارة، يحتوي قطاع غزة، على نحو 200 دونم مزروعة بالنباتات العطرية.