
وكالات/ الاقتصادية
أعلنت مجموعة «أرامكو» النفطية السعودية العملاقة اليوم الثلاثاء انخفاضا في أرباحها الصافية بنسبة 12.39% في 2024 مقارنة بالعام 2023، للسنة الثانية تواليا بعد تحقيقها أرباحا قياسية في 2022، بسبب انخفاض أسعار النفط الخام والكميات المباعة، مع مواصلة السعودية أكبر مصدّر للخام الأسود خفضا في إنتاجها خلال العام الماضي.
وقالت المجموعة المملوكة بشكل كبير للدولة في بيان نشر على موقع البورصة السعودية (تداول) إنّ صافي دخلها وصل إلى 398.42 مليار ريال سعودي (106.25مليارات دولار) في مقابل 454.7 مليار ريال سعودي (121.25 مليار دولار) في 2023، وفق وكالة «فرانس برس».
لماذا تراجعت أرباح «أرامكو»؟
ونسبت هذا التراجع إلى «انخفاض أسعار النفط الخام والكميات المباعة بالإضافة إلى انخفاض أسعار المنتجات المكررة والكيميائية». كذلك، انخفضت توزيعات الأرباح المتوقعة خلال 2025 إلى 85 مليار دولار من 124.3 مليار دولار أعلنت العام الماضي.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة أمين الناصر في بيان «يؤكد صافي الدخل القوي و توزيعات الأرباح الأساسية المتزايدة مرونة أرامكو السعودية الاستثنائية وقدرتها على الاستفادة من نطاق أعمالها الفريد، تكلفة إنتاجها المنخفضة، ومستوياتها العالية من الموثوقية، وذلك لتقديم أداء ريادي في القطاع لمساهمينا وعملائنا».
وتعد أرباح 2024 بعيدة بشكل كبير عن الأرباح المسجلة في 2022 التي بلغت 161.1 مليار دولار وهو مستوى قياسي نجم حسب الشركة عن ما سببته الحرب في أوكرانيا من ارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط بلغت عند ذروتها أكثر من 130 دولارا للبرميل.
- «أرامكو» تعلن تراجع أرباحها بنسبة 12.39% في 2024
وسمح ذلك للمملكة بتسجيل أول فائض في ميزانيتها السنوية منذ ما يقارب العشر سنوات. لكن أسعار النفط تراجعت في 2023 ثم في 2024 إلى قرابة 75 دولارا للبرميل، فانخفض على الإثر صافي أرباح «أرامكو» في الربع الثالث من 2024 بنسبة 15% على أساس سنوي، و14.5 % في الربع الأول و3.4% في الربع الثاني.
وأشارت أمينة بكر رئيس قسم إحصاءات الشرق الأوسط لدى شركة «كبلر» للاستشارات التجارية أنّ تراجع أرباح أرامكو كان «متوقعا». وأفادت وكالة فرانس برس أنّ «انخفاض صافي الدخل سببه استمرار السعودية في اتباع سياسة أوبك بلاس من خلال الخضوع لتخفيضات جماعية بالإضافة إلى التخفيضات الطوعية».
أثر خفض إنتاج النفط في السعودية
ويبلغ إنتاج السعودية حاليا ما يقارب تسعة ملايين برميل يوميا، أي أقل من قدرتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يوميا. ويعكس الرقم المنخفض نسبيا سلسلة من قرارات خفض الإنتاج بدأت في أكتوبر 2022، وهو ما ترك أثره بوضوح على الأرباح.
إضافة إلى ذلك، أعلنت الرياض فيأبريل 2023 خفضا مقداره 500 ألف برميل يوميا في إطار تحرك مشترك مع تحالف «أوبك بلس»، منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها وعلى رأسها روسيا، لخفض الإمدادات بأكثر من مليون برميل يوميا.
وفي يونيو 2023، أعلنت الرياض خفضا طوعيا إضافيا للإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا. وفي ديسمبر الفائت، اتفقت عدة بلدان منضوية في تحالف أوبك بلاس، بما فيها السعودية وروسيا، على تمديد خفض الإمدادات لثلاثة أشهر حتى مارس 2025.
كذلك، أعلنت حينها ثماني دول من أعضاء أوبك بلاس أنها ستبدأ في التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من أبريل، بمعدل 120 ألف برميل يوميا كل شهر لمدة 18 شهرا.
ويعتقد روبرت موغيلنيكي، وهو باحث مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أنّ مروحة أسباب تشمل «الجمع بين فائض النفط العالمي، والقدرة الإنتاجية الاحتياطية الوفيرة، والطلب العالمي غير المؤكد، والعديد من الإشارات السياسية الصادرة عن إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، كلها ستؤثر على أسعار النفط». وتابع «ظلت الأسعار أقل مما ترغب حكومات الخليج مثل السعودية في رؤيته. ستحتاج الحكومة السعودية ومعظم الحكومات الأخرى في المنطقة إلى الاستمرار في الإنفاق بشكل ذكي».
ولا تعد أرامكو الشركة الكبرى الوحيدة في قطاع الطاقة التي سجلت انخفاضا في الأرباح. فقد سجّلت شركة شل البريطانية انخفاضا بنسبة 17% في أرباحها العام الماضي، وسجلت شركة توتال إنرجي الفرنسية انخفاضا بنسبة 26%.
وتعدّ أرامكو درة تاج الاقتصاد السعودي والمصدر الرئيسي لتمويل «رؤية 2030» خطة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الطموحة التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف لإعداد المملكة الخليجية لمرحلة ما بعد النفط.
وتمول أرباح الشركة مشاريع رئيسية بما في ذلك مدينة «نيوم» المستقبلية المترامية الأطراف في شمال غرب السعودية ومطار ضخم في الرياض ومشاريع سياحية وترفيهية كبرى.
وقال صندوق النقد الدولي في أبريل إنه عند مستويات الإنتاج الحالية، سيكون سعر التعادل المالي للنفط في المملكة 96.2 دولار للبرميل. وقالت شركة «جدوى» للاستثمار ومقرها الرياض إن خام برنت، وهو المعيار الدولي، سيكون أقل بكثير من ذلك السعر.
عجز في الميزانية السعودية
وتوقعت في تقرير في فبراير الفائت «أنّ تكون أسعار خام برنت عند 75 دولارا للبرميل في العامين 2025 و2026 في المتوسط، منخفضة من 80 للبرميل في العام 2024». وقالت المحللة أمينة بكر «من المعروف أن السعودية تعدل ميزانيتها حسب ظروف السوق، ولا تستهدف المملكة سعرا معينا للنفط، ويمكن تعديل المشاريع والخطط باستمرار».
ولفتت وزارة المالية السعودية في سبتمبر الماضي إلى أنها تتوقع عجزا في الميزانية بنسبة 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2025 واستمرار العجز حتى العام 2027. وتملك الحكومة السعودية راهنا 81.5% من أسهم «أرامكو».
وادرجت أرامكو في البورصة السعودية في 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليار دولار في مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها، فيما جمع طرح ثانوي العام الماضي لنحو 1.7 مليار سهم 12.35 مليار دولار.